من ممثل القطاع الخاص في عُمان؟

 

 

خليل بن عبدالله الخنجي **

 

يتساءل الكثيرون عن الجهة التي تُمثل القطاع الخاص في سلطنة عُمان والإجابة بديهيًا هي غرفة تجارة وصناعة عُمان من ناحية المبدأ بحيث تؤدي مهامها جنبًا إلى جنب مع مؤسسات المجتمع المدني الأخرى خاصةً الجمعيات ذات الطابع الاقتصادي التي يتحمس بتأسيسها المهتمون بشأن تلك الجمعيات المهنية التي تقوم بأدوار قد تكون مماثلة لبعض القطاعات الاقتصادية التي ترى أنها تحتاج مزيداً من التركيز بسبب توسع القطاع مثل الجمعية العمانية للخدمات النفطية "OPAL" وجمعية شركات المقاولات وجمعية المصارف العمانية وجمعية العقاريين وجمعية الصيادين وجمعية المزارعين  وجمعية المهندسين وجمعية المحامين إلى آخره من الجمعيات المهنية الرائدة العاملة في البلاد.

غرفة تجارة وصناعة عُمان هي المؤسسة المدنية الوحيدة التي استمرت في أنشطتها في مسقط وعلى مستوى المحافظات منذ تأسيسها في العام 1973، فما هي أهم الأسباب لاستمرار أعمال الغرفة بين علو وانخفاض ولكن على الأقل مستمرة من أجل خدمة منتسبيها وتلبية طلباتهم كممثل للقطاع الخاص أمام مؤسسات الدولة والمؤسسات المماثلة خارج البلاد مثل اتحادات الغرف وغرف التجارة والصناعة الخليجية والعربية والإسلامية والدولية حيث داخليًا الغرفة هي الشريك في بناء الدولة الفتية خلال الخمسين عاماً المنصرمة وهي المفاوض المتعاون في مناقشة القوانين والمتعاون في حل النزاعات بين الشركات والعمال وهي المشارك في تمثيل الدولة صفاً واحدًا مع مجتمع الأعمال وأطراف الإنتاج في المؤتمرات الدولية والمروج للقطاعات الاقتصادية في الدول الشقيقة والصديقة.

أحد أسرار الاستمرارية والبقاء لكيان غرفة تجارة وصناعة عمان هو التجديد الدائم في هيكلة نظام الغرفة والتعديلات التي طرأت على قانونها حيث بدأت الغرفة بلجنة تأسيسية في عام 1973 تم من خلالها نقل أفضل تجارب الغرف التجارية من الدول الشقيقة والصديقة ومنذ فترة التأسيس إلى تشكيل أول مجلس إدارة تم انتخابه من قبل التجار في مطرح ومسقط حيث تمركزت السجلات التجارية في بدايات النهضة العمانية، وتعاقبت مجالس إدارات الغرفة ورؤسائها بين انتخاب وتعيين، ومع توسع فروع الغرفة بدءاً من فرعها الوحيد في صلالة إلى فتح فروع لها في المدن الكبيرة مثل صحار وصور ونزوى وعبري تلتها البريمي وخصب حيث الأهمية الجغرافية وبعد سنوات تم إضافة فروع في كل من إبراء والرستاق وهيما في محافظة الوسطى.

استمرت الحكومة في تعيين رئيس الغرفة، إضافة إلى ستة أعضاء وانتخاب باقي الأعضاء حتى العام 2014 حين تم وضع نظام جديد بالكامل بدلا عن القانون الذي استمر أربعة عقود حيث تم رسم نظام ينتخب من خلاله أحد عشر عضوًا في كل محافظة ينتخبون من بينهم رئيسًا بالإضافة لانتخاب خمسة أعضاء في مسقط لينتخبوا من بينهم رئيسا للغرفة واستمر هذا الحال لمدة دورة واحدة وفي 2018 تم تعديل النظام ليتم انتخاب سبعة أعضاء في الفروع لينتخبوا رئيسًا من بين الفائزين فخلال الدورتين 2014 و2022 تم انتخاب ثلاثة رؤساء في ثمان سنوات حتى صدور النظام الجديد من خلال المرسوم السلطاني السامي رقم 56/2022 بتاريخ 4 يوليو 2022 الذي يقضي بانتخاب خمسة أعضاء في كل فرع من الفروع العشرة التابعة ليصبح رئيسًا للفرع المترشح الحاصل على أكثر الأصوات في الانتخابات العامة وهذا نهج جديد نتمنى له النجاح بالإضافة لانتخاب خمسة أعضاء ممثلين للمركز الرئيسي في مسقط وخمسة أعضاء ممثلين للشركات العامة وعضو واحد للأجانب ليجتمعوا برئاسة أكبرهم سناً وينتخبوا رئيساً للفترة القادمة التي يواجه فيها الاقتصاد العالمي والمحلي تحديات كبيرة ومعقدة والتي يتوجب فيها وجود خبراء ومحلليين عالميين يستعين بهم رئيس وأعضاء الغرفة للدورة القادمة 2022 - 2026 للخروج من عنق الزجاجة وتفكيك العقد المترسبة في أدراج البيروقراطية وذلك بالتعاون مع الجهات المعنية بالشأن الاقتصادي في البلاد بالإضافة إلى ضرورة تشكيل هيئة اقتصادية رفيعة المستوى برئاسة رئيس غرفة تجارة وصناعة عُمان يجتمع فيها كبار أصحاب وصاحبات الأعمال واقتصاديين ومحللين وخبراء بعلم الاقتصاد من أجل النهوض بالمستوى الاقتصادي لعُمان ومستوى الدول المتقدمة.

النظام الجديد الحالي أتى لتصحيح الاستعجال في تغيير القانون إلى نظام في العام 2014 الذي ولد من دون أي دراسة تذكر والذي من خلاله قلص أعضاء مجلس الإدارة من 22 عضواً إلى خمسة عشر عضوًا ليصبح عدد الأعضاء في النظام الجديد 21 عضواً يمثلون أغلب القطاعات الاقتصادية لذلك يجب على الشركات والمؤسسات التجارية والصناعية والسياحية والخدمات المبادرة في الاحتفال بتجديد تأسيس غرفة تجارة وصناعة عُمان بمناسبة خمسين عاماً منذ تأسيسها لذلك تتضاعف أهمية غرفة تجارة وصناعة عُمان في الفترة القادمة وبالتالي أهمية اختيار الأنسب لتمثيل القطاع الخاص الذي تعتمد عليه رؤية عمان 2040 وتأتي الأهمية بتحقيق ذلك من خلال تسجيل الشركات في السجل الانتخابي قبل 27 أكتوبر 2022 للتأهل ليوم الانتخاب في 22 نوفمبر 2022 كما هو مخطط له من قبل لجنة الانتخابات بقيادة وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار.

لا يكتمل تمثيل القطاع الخاص إلا بالتعاون بين رئيس وأعضاء مجلس إدارتها والوزراء والمسؤولين عن الجهات المعنية بالحكومة خاصةً وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار ووزارة الاقتصاد ووزارة العمل ووزارة التراث والسياحة والوزارات والجهات المعنية بالتعليم والتدريب، وذلك لأن الهدف الرئيس من التعاون هو الشراكة الحقيقية والجادة للدفع بالبيئة الاقتصادية لمزيد من تسهيل الإجراءات وتبسيط القوانين والتخلص من كل ما يُعيق استقرار الاستثمارات وجلب مزيد منها من الخارج خاصةً وأن دول المنطقة التي تتساوى معنا من حيث الموقع وتوسطها بين ذات الأسواق المستهدفة تعرض على المستثمرين الأجانب والمحليين معاً أفضل أنواع المشاريع العملاقة والمتوسطة وعمالة ماهرة من دون قيود تذكر وتخفيضات حقيقية في نسبة الرسوم والضرائب وأسعار منافسة للطاقة والكهرباء والمياه والقيمة الإيجارية للأراضي الصناعية والتجارية والسياحية.

** الرئيس الأسبق لغرفة تجارة وصناعة عُمان