شهبندر التجار

 

خليل بن عبدالله الخنجي

تاريخيًا يطلق على رؤساء غرف التجارة في بعض الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط وبعض المدن العربية مثل القاهرة وبيروت والشام مصطلح "شاهبندر التجار"، وهو اسم تركي من أصل فارسي معناه: شيخ التجار أو رئيس تجار الميناء.

والاسم مركب من كلمتين؛ شاه وتعني الملك، وبندر ويعني الميناء، ويكتب "شهبندر" أو "شاهبندر"و، وقد تطور المعنى في العصر العثماني، فأُطلق على جامعي الضرائب ومدير الميناء والقنصل في الدول الخاضعة للحكم العثماني، على اعتبار أن معظم القناصل تجار لدولهم. ويأتي هذا الاهتمام والتفخيم لشهبندر التجار لأنه يعد من كبار تجار السوق ويكون على رأس المجموعة التجارية التي تقوم بالصُلح بين التجار عند نشوب أي اختلاف بينهم، ومن هنا أتت فكرة إنشاء الغرف التجارية واستمدت كذلك قوتها من خلال إدارة شؤونها بصورة مستقلة عن الحاكم المحلي، إلا إذا لجأوا إليه التجار إراديًا للتحكيم التجاري في تلك الأزمان.

والغرف التجارية هي إحدى أقدم المؤسسات الأهلية المدنية حيث تأسست أول غرفة تجارية في العام 1599م في مدينة مارسيليا على الشاطئ الغربي لفرنسا ولنفس الحاجة تأسست غرف أخرى في المدن الساحلية الأوروبية مثل جلاسكو في أسكتلندا وليڤربول وجريس ومانشستر في إنجلترا. أما في إيطاليًا فقد تأسست الغرفة التجارية أو نواب التجار، كما يطلق عليها في بعض المسميات في العام 1862. وفي ألمانيا فقد تأسست الغرف التجارية في العام 1830. أما الغرف التجارية الأمريكية فقط ظهرت بين الأعوام 1773 و1776 في كل من الموانئ التالية: شارلتون ونيوهيڤن وفيلادلفيا.

وبذلك تُعد الغرف التجارية سابقة لبقية مؤسسات الدول تنظيمًا لشؤونها الداخلية وفرضت احترامها واحترام أعضائها من حيث المكانة التجارية المحركة للسوق والمشغلة لجميع أركان التجارة توريدًا وتصديرًا وترويجًا للمنتجات المحلية، ومنها المزروعات والصناعات الخفيفة والخدمات، لذلك جرت العادة أن يزكّي التجار كبيرهم الذي يجدون فيه صفات التواضع والحزم وسهولة الاتصال والتواصل في ذات الوقت ولديه الخبرة والدراية ومواصفات القيادة وفرض الاحترام بين التجار وأفراد الحكومة وقدرته على الفصل في القضايا من دون تردد لأن التطويل والتسويف يضر بمصالح التجارة والتجار والحكومات حيث تتأخر جباية الضرائب والرسوم لصالح خزينة الدولة.

وتختلف القوانين المنظمة للغرف التجارية بين الانتخاب أو التعيين وفي بعض الأحيان الدمج بين الاثنين؛ حيث ينتخب النصف أو الثلثين ويتم التعيين من قبل الحكومة بتوصية من وزير التجارة وكذلك بالنسبة لمنصب رئيس الغرفة فيتم انتخابه في أغلب الدول ويعين في بعض الدول الأخرى. أما بالنسبة للانتساب للغرف التجارية ففي بعض الدول هو اختياري وبعضها إلزامي ومنها ألمانيا التي تفرض على الشركات دفع رسوم للغرف التجارية المحلية التي تربطها باتحاد عام على مستوى ألمانيا وتستثمر تلك الرسوم جلها في برامج التدريب وإعادة التأهيل للكوادر العاملة من أجل سهولة انخراطها في سوق العمل.

 

ما بين مصطلح شاهبندر التجار إلى رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية عدة قرون من التجارب ولكن تبقى الغرف التجارية والصناعية والزراعية تحظى باحترام كبير إذا ما أحسنت إدارتها وتنظيمها مستقلةً في إدارة شؤونها، أما الحديث المتداول بأن الغرف التجارية في بعض الدول ترضخ تحت عباءة الدولة أو الوزير المعني حقيقةً بالإشراف المتمثل في المحافظة على تطبيق القانون وفي كل الأحوال يعتمد على مصداقية اختيار ممثلي أصحاب الأعمال الذين يرى فيهم التاجر الإرادة والقدرة على العمل التطوعي وتخصيص الوقت والجهد والإخلاص لإظهار بيت التجار محليًا ودوليًا على أحسن وجه أما علاقة الغرف التجارية بالحكومة فعلاقتها في حدود الإشراف على جمعيتها السنوية أسوة بكل مؤسسات المجتمع المدني وإذا زاد عن ذلك فيعتبر تدخلًا عليه يجب على الغرف التجارية إدارة شؤونها باستقلالية من دون الحاجة لمساعدة أي طرف وذلك كي تتمكن من أن تكون مفاوضًا وشريكًا قويًا من أجل الدفع في كثير مما يهم القطاع الخاص من قوانين تسهل جذب مزيد من الاستثمارات وتعطي الاستقرار المناسب للاستثمار المحلي.

أما بالنسبة لغرفة تجارة وصناعة عُمان وهي قاب قوسين من انتخاب أعضاء مجالس إدارات الفروع ومجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان، تبدأ من اختيار 5 أعضاء ممثلين للقطاع الخاص المحلي في كل محافظة وخمسة أعضاء ممثلين لمحافظة مسقط، إضافة لخمس أعضاء تنتخبهم الشركات المسجلة في بورصة مسقط وانتخاب عضو واحد للمستثمرين الأجانب..

لذلك وجب على أصحاب وصاحبات الأعمال المبادرة في تسجيل شركاتهم والتفاعل إيجابًا لانتخاب من يرونه مناسبًا لمستوى المؤسسة التي سوف تمثلهم على المستوى المحلي والخارجي لأربع سنوات مقبلة (2022- 2026).