عُمان والإمارات.. المصير والمسار

 

مسعود الحمداني

samawat2004@live.com

(1)

ليس غريبًا أن يلتقي سلطان عُمان وشقيقه رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة- حفظهما الله- وليس جديدًا أن تتكرر الزيارات؛ فهذا ديدنُ قيادات البلدين منذ زمن بعيد؛ فالشعبان امتدادٌ لعرق، وقربى، وتاريخ مشترك، وجغرافيا متشابكة، وحدود متداخلة، وليس أمرًا استثنائيًا أن تكون العلاقات الأخوية بين البلدين طبيعية ونقية وبعيدة عن التوتر.

فالبُعد التاريخي والجغرافي المشترك يُلزمهما بمد أقصى طاقات التعاون والتآخي، ويجعل منهما بيئة مثالية للعمل العربي الثنائي المشترك؛ فالموارد الطبيعية الضخمة في البلدين، ورؤوس الأموال التي تدير هذه الموارد، والعقول والأيدي التي تسخّر إمكانياتها لخدمة الشعبين الشقيقين، هما في الحقيقة ينبُعان من أصل واحد، وجذر واحد، وقلب واحد؛ لذلك لا مجال لأي خلاف عابر أن يعكّر صفو هذه العلاقة الضاربة بجذورها في عمق الأرض والتاريخ.

(2)

وما زيارة الشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات ولقاؤه بحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظهما الله- إلّا تأكيد لهذه العلاقة، وامتداد لها، وترسيخ لمبدأ الأخوّة والجوار، والمصير المشترك، وما تلك المذكرات والمشاريع والاتفاقيات التي تم توقيعها بين الدولتين إلّا لمزيد من التلاحم والانسجام والتآخي بين الشعبين الشقيقين.. فالنوايا الطيبة والعمل المخلص الجاد هما اللذان يحققان السلام والأمن للدول، وهما العنصران الأكثر فاعلية للدفع بعلاقات الدول إلى أقصى مداها؛ فسلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة تمثلان العمق الاستراتيجي البعيد لبعضهما البعض، ولذلك لا بُد من الالتفات إلى تأكيد هذه العلاقات وترسيخها لمزيد من التقدم والرقي والنهوض في عالم متقلب المزاج، ومتزعزع الأقطاب، ومتوتر المصالح، ولا بُد بالتالي من وجود المشروعات المشتركة والعمل على الدفع بأوراق المصالح المتبادلة، والأواصر الثابتة لتجنّب كل ما من شأنه المساس بتلك الروابط.

(3)

تمُرُّ الدول بأزمات طارئة ومُعقدة، ودائمة أحيانًا، وعابرة أحيانًا أخرى، وهذا قد يكون أمرًا طبيعيًا في عالم السياسة، ولكن أن تستمر الخلافات والأزمات بين هذه الدول فهذا معناه أن تظل دائرة التوتر وعدم الاستقرار دون أفق واضح، وهذا ما تدركه قيادتا البلدين الشقيقين في سلطنة عُمان ودولة الإمارات منذ زمن بعيد، وتسعيان بكل إخلاص وإدراك للمسؤولية إلى تجنبه، أو حله- إن وقع لا قدّر الله- في أسرع وقت، وبأقصى درجات الحكمة والعقلانية، ولذلك فلا خوف على العلاقات الطيبة الراسخة بين الدولتين، ولا خشية من أي مشكلة أو معضلة طارئة؛ فالحكمة سيدة الموقف دائمًا، والتحلي بأقصى درجات المسؤولية كان حاضرًا في كل الأوقات، ولذلك تنتقل العلاقات الأخوية بين البلدين إلى آفاق أرحب، وأوسع، وأعمق من أي وقت مضى، وتفتح فصولًا جديدة من التكامل الاقتصادي والتجاري والسياسي والثقافي؛ لتجني الدولتان الجارتان ثمارَ ما تزرعانه، وتحصدان نتائج ما تغرسانه، وذلك لصالح الشعبين الشقيقين اللذين كانا وسيظلان جسدًا واحدًا، وقلبًا نابضًا واحدًا، ومصيرًا ومسارًا مشتركًا واحدًا.