عُمان تدعو اليمنيين لتجاوز "الماضي الأليم".. وتؤكد: حل القضية الفلسطينية ركيزة للسلام في الشرق الأوسط

نيويورك -العُمانية

أكدت سلطنة عُمان أنها تنتهج سياسةً راسخةً تقوم على رؤية عميقة وثابتة وتجربة ثرية مستخلصة من الموروث الحضاري والتاريخ الإنساني، إضافةً إلى سياستها الخارجية الثابتة في الوقوف مع الحق والعدل وتعزيز التعاون الإيجابي وتوثيق روابط التعارف والصداقة والإسهام في توطيد دعائم الأمن والسلم الدوليين.

وخلال كلمة السلطنة أمام الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي ألقاها سعادة السفير الدكتور محمد بن عوض الحسان مندوب سلطنة عمان الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، قالت عُمان إنها على يقين من أنّ إقامة السلام وصيانته في العالم أمر ضروري لخير الشعوب، ولا يمكن الحفاظ عليه إلّا إذا كان قائمًا على قواعد راسخة من العدالة وأسس ثابتة من التعاون والوفاق بين جميع الأمم. ودعت سلطنة عمان المجتمع الدولي إلى الاهتداء الملموس بهذه المرجعيات وبناء الشراكة بين الدول على أساسها، ووفقًا للقوانين والأعراف الدولية المجمع عليها؛ تحقيقًا للتعايش السلمي وتعزيزًا للتعاون والازدهار الاقتصادي.

وأوضح سعادة السفير الدكتور مندوب سلطنة عمان الدائم لدى الأمم المتحدة بنيويورك في كلمته أن السلطنة عملت وما زالت تبذل جهودها وتعاونها البنّاء مع جميع الأطراف، لتحقيق السلام في اليمن، مرحبة باستمرار الهدنة وتناشد جميع القوى اليمنية بضرورة تجاوز الماضي الأليم والتركيز على صياغة المستقبل الواعد لوطنهم ووحدته وأمنه واستقراره على أساس المرجعيات المتوافق عليها، بما في ذلك المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار اليمني والقرارات الأممية ذات الصلة.

وأشار سعادته إلى أن سلطنة عمان تواصل دعمها لجهود المبعوث الأممي هانسجروتدبرج والمبعوث الأمريكي لليمن تيم للدركينج لتحقيق السلام الدائم في اليمن، عبر الحوار ودعوة جميع الأطراف اليمنية إلى التفاعل الهادف والجاد في صياغة خارطة الطريق التي يتوافق عليها الأشقاء اليمنيين وعملية سياسية تحفظ لليمن سيادته واستقلاله وأمنه واستقراره، مؤكدةً استمرارها في تقديم كافة التسهيلات والمساعدات الإنسانية الممكنة إلى مختلف المناطق والمحافظات اليمنية بدون استثناء.

وبيّن سعادة السفير الدكتور محمد بن عوض الحسان بأن حل القضية الفلسطينية هي ركيزة أساسية لاستقرار منطقة الشرق الأوسط؛ حيث ولّد الصراع العديد من الأزمات والتوترات وأعمال العنف، مؤكدًا إيمان سلطنة عمان بأن حل الدولتين وفق القرارات الدولية ومبادرة السلام العربية هي حاجة ماسة وضرورة استراتيجية لتحقيق السلام الدائم والثقة المتبادلة والتعاون الإيجابي بين جميع الأطراف في المنطقة.

وأوضح سعادته في كلمته اهتمام سلطنة عمان بتطورات الأوضاع في كل من ليبيا وسوريا والسودان، معربةً عن أملها بحل الخلافات بتوافق المكونات السياسية وترسيخ مفهوم المصير المشترك لتحقيق الأمن والاستقرار لهذه الدول الشقيقة.

وأكد سعادته أن سلطنة عمان تناشد المجتمع الدولي مضاعفة الجهود الدبلوماسية لدعم السلام والاستقرار لحل الأزمة الروسية الأوكرانية، بالحوار والمفاوضات التي تعد أنجح الوسائل لحل الخلافات وفق مبادئ القانون الدولي والقيم الإنسانية المشتركة.

كما أكد سعادة السفير تطلّع سلطنة عمان إلى المشاركة الفاعلة في الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ "كوب-27"، والذي سينعقد في شهر نوفمبر المقبل في مدينة شرم الشيخ، معربةً عن تمنياتها لجمهورية مصر العربية الشقيقة النجاح في استضافة هذا المؤتمر.

وقال سعادته: "إن تغيير المناخ من القضايا البارزة في عصرنا الحاضر، ونحن الآن أمام لحظة حاسمة، فالعالم في تحد حقيقي وصعب؛ حيث إن الآثار الناتجة منه واسعة النطاق من ارتفاع درجات الحرارة والفيضانات الكارثية وحرائق الغابات، والتي تهدد الأمن الغذائي للدول، وأن التكيف مع هذه القضية سيكون أكثر صعوبة وتكلفة إذا لم يتحد العالم لمعالجتها معالجة جذرية ومتكاملة".

وأوضح سعادته أن سلطنة عمان أعدت استراتيجية وطنية لحماية البيئة ومواجهة التغير المناخي وإدارتها بالشراكة مع المجتمع المحلي ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص؛ حيث أنشأت "اللجنة الوطنية للتغيرات المناخية وحماية طبقة الأوزون"، والمشكلةً من 31 جهة حكومية، لتنفيذ خطط التكيف والتخفيف من آثار التقلبات المناخية، والمساهمة في خفض انبعاثات الكربون بنسبة 7 بالمائة بحلول عام 2030، وفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة للمناخ متجهين نحو تحقيق الحياد الصفري الخالي من انبعاثات الغازات الدفينة.

وأشار سعادة السفير الدكتور مندوب سلطنة عمان الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك إلى أن سلطنة عمان تعمل على تسريع إجراءات تنظيم قطاع الهيدروجين الأخضر، وتشجيع الاستثمار فيه استجابة للتحولات العالمية نحو الحد من الانبعاثات الكربونية وتحقيقًا لتطلعات العالم لمصادر طاقة جديدة ومتعددة الاستخدامات، منوّهًا إلى أن سلطنة عمان أسست تحالفًا وطنيًّا للهيدروجين، معتمدةً في ذلك على الإمكانيات الوطنية في وفرة موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والأراضي المناسبة لإرساء هذه المشاريع، إضافة لمنظومة الموانئ والدعم اللوجستي المساعدة، وذلك انطلاقًا من موقع سلطنة عمان الجغرافي الملائم على خارطة تطوير وإنتاج الطاقة النظيفة في العالم.

وأوضح سعادته أن سلطنة عمان تستمد مبادئ المساواة والعدالة وعدم التمييز بين فئات المجتمع من النظام الأساسي للدولة؛ فالمرأة العمانية تساهم جنبًا إلى جنب مع الرجل بتنوع فكرها السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي في بناء الدولة العصرية، وفي تعزيز قيم التعاون والانسجام بين الجميع، وهي أيضًا شريك أساسي في التنمية ومكون أصيل في المجتمع، كما إن للشباب دورًا عظيمًا في تجسيد الأمل الواعد والمستقبل المشرق للتنمية الشاملة، مؤكدًا أن سلطنة عمان هيأت الفرص والتسهيلات التحفيزية التي تتسم بالعدالة والشفافية وتكافؤ الفرص للجميع.

تعليق عبر الفيس بوك