فرحة العُمانيين باليوم السعودي

 

حمود بن علي الطوقي

 

 

عندما أقدمت الطفلة العُمانية رغد بنت خالد الكلبانية وهي طفلة لم يتجاوز عمرها عشر سنوات على الطيران في منطقة الربع الخالي بواسطة طائرتها الشراعية، كانت تهدف من وراء هذه المُغامرة للتعبير عن حبها وحب أطفال عمان، للشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية.

هذا الحب بالطيران والتحليق في أجواء منطقة ربع الخالي وذلك برفع علم المملكة وصور خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز وصور ولي العهد سمو الأمير الملكي محمد بن سلمان، جاء بمناسبة احتفالات الأشقاء بالمملكة العربية السعودية باليوم الوطني الثاني والتسعين.

الطفلة رغد بنت خالد الكلباني قالت "أنا أطير من أجل الملك والمملكة العربية السعودية"، وحقيقة هذا الحب والشعور تجاه المملكة يكنه الشعب العماني الصغير قبل الكبير، ويترجم هذا الشعور أيضا سعادة عبدالله بن سعود العنزي سفير خادم الحرمين الشريفين لدى سلطنة عمان؛ حيث يحظى بحب واحترام لما يقوم به من نشاط على مختلف الأصعدة. الشعبان الشقيقان يحصدان ثمار العلاقات المتميزة التي تربط البلدين والتي لم تكن وليدة اليوم؛ بل هي علاقات تاريخية وحضارية ضاربة في أعماق التاريخ. ولعلَّ اللقاء التاريخي في ثمانينيات القرن الماضي الذي جمع الوفد العُماني رفيع المستوى بنظيرة السعودي؛ حيث قال خادم الحرمين الشرفين- آنذاك- الملك فهد بن عبدالعزيز- رحمه الله- مخاطبًا السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- إنَّ العلاقات بين البلدين الشقيقين، تاريخية وهذا اللقاء تثبيت لهذه العلاقات التي بها صفة الاستمرار وهي علاقات تتطور ببركة الشعبين الشقيقين.

اليوم نشهد تثبيتًا حقيقيًا لحجم ومستوى هذه العلاقات وهي علاقات ترسخ أقدامها نحو مزيد من العمل المشترك، ونجني ثمار استمرار هذه العلاقات المتميزة بين البلدين الشقيقين؛ حيث نرى الرغبة المشتركة لتنميتها في مختلف الأصعدة نظرًا لتقارب العديد من الوجهات في دفع تنمية هذه العلاقات إلى مستويات متقدمة، خاصة بعد الزيارة التاريخية لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم إلى المملكة ولقائه بخادم الحرمين الشريفين، وكذلك زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للسلطنة، والتي تعززت بالتوقيع على حزمة من الاتفاقيات، وعكست الرغبة الجادة لدى الأشقاء في المملكة العربية السعودية في رفد العلاقات بين البلدين على مختلف الصعد، خاصة الجوانب الاقتصادية والتجارية والاجتماعية. ورغم أنَّ المؤشرات التجارية والاستثمارية على مدار الخمسة عقود الماضية تشهد تطورًا ملموسًا، إلا أن الرغبة المشتركة في تنمية العلاقات بين البلدين الشقيقين أصبحت واضحة المعالم. وقد رحبت السلطنة بتفعيل ورفع مستوى العلاقات إلى إقامة مشاريع تجارية ذات قيمة مضافة؛ حيث أعلنت المملكة العربية السعودبة رغبتها الأكيدة في الاستثمار في إقامة مشاريع مختلفة بنحو 150 مشروعًا باستثمارات تقدر بنحو مليار ونصف المليار ريال عماني. ومما لا شك فيه أن هذا الاستثمار السعودي سوف يساهم في رفد وتعزيز البنية الاقتصادية العمانية ويزيد من حجم التبادل التجاري بين البلدين؛ حيث يرى العمانيون أن العلاقات المتميزة بين البلدين لا بُد أن تنعكس إيجابيًا على مختلف الأصعدة، خاصة وأن الجانب التجاري والاستثماري ما زال دون الطموح، رغم أن البنية الأساسية في عُمان جاهزة لاستقبال المزيد من الاستثمارات السعودية ذات القيمة المضافة. ويمكن أن تترجم سلطنة عمان جديتها ورغبتها بتعزيز الميزان التجاري وتفعيل حجم المبادلات التجارية والاستثمارية المختلفة؛ حيث يشجع دخول المشاريع السعودية توفر المناطق الاقتصادية الحرة في كل من صحار وصلالة والدقم، وهذه المناطق مكتملة الأركان وجاهزة لإقامة أية مشاريع بمختلف الأحجام؛ سواءً كانت صناعية أو سياحية أو زراعية ومشاريع الطاقة المتجددة، وكذلك المشاريع المتعلقة بالخدمات اللوجيستية، وهذه الأخيرة قد تكون فرصة مشتركة؛ حيث أطلقت المملكة العربية السعودية مؤخرا استراتيجية النقل. وكذلك الخدمات اللوجستية التي تتيح فرصة سانحة للبلدين بعد الإعلان عن فتح الطريق البري الذي سيربط بين البلدين الشقيقين وسيكون هذا الطريق المنفذ المهم لانتقال السلع، وبالتالي سينعكس ذلك تنمية ويرفع حجم العلاقات والمبادلات التجارية والسياحية بين البلدين الشقيقين.

من المهم حاليًا أن نناشد صناع القرار في البلدين بالعمل على التسهيل وتبسيط الإجراءات لكي تتحقق الرؤية المشتركة التي تتطلع إلى تجاوز التحديات بحيث نرى دوران عجلة هذه المشاريع وقد أخذت مواقعها على أرض الواقع، سواء في مسقط أو الرياض.

هناك جهود تبذل ورؤى مشتركة تجمع الجانبين، ولا بُد من إزالة أية عراقيل أمام هذه الجهود، ولعل وجود الشركات السعودية الكبيرة في السوق العماني سيخلق فرص عمل لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بين البلدين، كما سيسهم في انتقال الخبرات بين البلدين، وبذلك ستتمكن كل من سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية من تحقيق متطلبات رؤية "عُمان 2040" ورؤية "المملكة 2030".

نسأل الله أن يكلل هذه الجهود بالنجاح وتنطلق العلاقات بين البلدين إلى آفاق جديدة معلنة العزم والحزم في رؤية مشتركة أساسها الاحترام المتبادل.

وأخيرًا.. نهنئ المملكة العربية السعودية حكومة وشعبًا بمناسبة اليوم الوطني الثاني والتسعين ونرفع الأكف داعين الله أن يحفظ المملكة من كل سوء.