الطلاق ليس نهاية المطاف

 

سالم بن نجيم البادي

 

كنت قد كتبت أربعة مقالات عن أسباب الطلاق وآثاره على المرأة والرجل والأبناء ورغم كل ماسبق من أضرار وشرور ومصائب الطلاق الكثيرة، فإنِّه إذا حصل وقضي الأمر وكانت العودة عن الطلاق غير مُمكنة، فإنَّ نهاية العالم ليست غدًا.

الطلاق لا يعني أن حياة المطلق والمطلقة قد انتهت وأن الدنيا قد أظلمت في عيونهما وأن مستقبلهما قد انتهى، فإنَّ في الحياة متسعًا وفسحة من الأمل والحياة جميلة وحلوة لم تزل والمسلم يرضى ويستسلم لقضاء الله وقدره ويُحسن الظن بالله سبحانه وتعالى، وقد يعوض الله خيرًا وقد تبدأ الزوجة حياة زوجية جديدة وسعيدة مع رجل آخر، وقد يجد الرجل زوجة أخرى في حياة أكثر سعادة واستقرارًا وجمالًا، وقد توقف المرأة المطلقة نفسها على تربية أولادها، فتجد حلاوة ذلك عندما يكبرون ويصبحون ذوي شأن في الحياة، وعلى الذين تطلقوا أن يتقوا الله في أنفسهم فلا يشوه أحدهم صورة الآخر ولا يؤذيه بالقول أو الفعل ولا تصل مشاكلهم إلى الناس وإلى المحاكم في أمور الحضانة ونفقة الأطفال.

بعض من هؤلاء الذين تطلقوا أصبحوا أصدقاء أو على الأقل بينهم احترام وتقدير وتفاهم على تربية الأبناء واتفاق في أمور تربيتهم والإنفاق عليهم ودراستهم ومستقبلهم وزواجهم عندما يبلغون سن الزواج وحتى قبل الطلاق تكون بينهم جلسات مطولة وحوار عميق حول الطلاق ويتم الطلاق عن تفاهم فيما بينهم، وبعد أن يتفقوا على كل شيء وعلى كل صغيرة وكبيرة ذات اهتمام مشترك بينهم، يقول الله سبحانه وتعالى: "فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ" (البقرة: 229)؛ فلينظر هؤلاء إلى قوله تعالى "أو تسريح بإحسان".

المعاني التي تشتمل عليها كلمة إحسان تعني كل ماهو طيب من قول وفعل وخير ومعروف وكل ما هو جميل وحسن، وعلى أقل تقدير فليترك هؤلاء الأذى عن بعضهم البعض، وليذهب كل في طريق، وعسى الله أن يغنيهم من فضله ويعوضهم خيرًا، ويتوب عليهم في حياة أخرى جديدة ومختلفة، بعيدًا عن الآخر وأن لا ينظر أحدهم إلى الوراء أبدًا.