لفكر يعانق السماء!

 

فاطمة الحارثية

هل عشقت يومًا؟ أم أنَّك ما زالت في حلم لم ترتوِ نفسك عنده؟ يقول المثل العربي "من أحبك لغاية أبغضك في النهاية"، ونقول هل يرضى الحبيب بغير الإخلاص سُقيا، ونعيذ النفس بالله عُشاق الغاية والغواية.

لدينا الكثير مما لم نجربه في هذا الكون الواسع، وأماكن لا تُعد ولا تحصى لم تطأ أقدامنا عليها بعد، والملايين من النَّاس لا يمكن لساعةٍ من لبث أن نلتقي بهم، لكننا نعلم أنهم على الأرض يهيمون، ونعلم أن الحب لا يُدرك وإن كان موجودًا إلا من وهبه الله إياه، وسّم بالرحمن عليه بركته فسكن الأفئدة، دون سلب للألباب.

نكتوي في رجاء نيل الحب وننهك، ونحن باسمه ارتكبنا المعاصي والفواحش وسُكبت الدماء أنهارا، وصدقه منا بعيد، نقول إنه حُب وأنفسنا لم  تتجلَ لعقولنا قيد أنملة، ولا نفقه عن ذواتنا شيئا، نحكي عن أحلامنا، لأن غيرنا سرد وقال عليكم بقناع التشبه ولا تجهدوا العقل فكرًا، يدعونا وباطنه الكِبر، إنه يعلم ونحن في الجهل سائرون خلفه؛ كثيرًا ما رددت أن المقارنة لا خير فيها، بيد أن الأسوأ جهلنا لمشاعرنا الحقيقية، وممارسة المحاكاة لعزل عقولنا عن النمو الفكري، وتقليد السلوكيات كي لا نختلف، ونتقمص بمظهر الولاء والطيبة ونحن عن كل هذا لا نعلم من نحن، ولا ما نريده ولا حتى كيف نستفيد من نعم الله، أن نعي قوة أهمية النفس وتوائمه مع الجسد من أكثر الأمور أهمية بالرغم من جهد فعل ذلك؛ اذكر نفسي حين التقاعس أن القبر لن يضم سواي، فتردع النفس عن التقليد الأعمى، وينبض القلب ليروي الذات والغير.

لست على الأرض لأقلد أحدًا، أو أشابه فكرًا؛ بل لأصنع رسالة تدثرني يوم الحساب، يوم تتعرى فيه كل الكائنات ولا يذود عنها مثقال ذرة عن أذى، ولا كلمة جارحة سقطت سهوًا، ولن يعفو عنك مزاجًا سيئًا، ولا غضبًا ولا جهلًا ولا أي عذرًا اعتدت أن تختلقه على الأرض، وتفتري على الناس باسمه، تخاف الناس من قبورها، والأحرى أن نخاف يوم الحساب، يوم لن تكون فيه وحيدًا وتكون جموع الناس أشهادًا، ولا كرسي تعلو به على الناس ولا سلطة ولا مال ولا طموح تفتدي أو تبرر بهم أعمالك، علينا أن نخاف من وعلى مشاعر بعضنا البعض، فهي الخلاص وليس أمرا خضعنا له فأخضعنا لأبواب الجحيم.

سمو...

انتبه لما تنسجه في لسانك قبل أن تُلبسه أحدًا، فقد يكون نارك أو جنتك، الحب سمو لا يهبه الله إلا طِيبًا أو ابتلاءً، فتأدب وتعلّم ماذا تطلب وتحمل مسؤولية دعائك!