ما الخطة؟!

 

المعتصم البوسعيدي

 

أعلنَ نجم التنس العالمي الأسطورة السويسري روجر فيدرر موعد اعتزاله، فاجتاح الخبر العالم بأسره، وتسابق الجميع لتوديعه بأرقى الكلمات التي تتناسب وقيمته الكبيرة كرياضي حقق طوال مسيرته إنجازات تاريخية وبطولات عالمية واعتلى قمة التصنيف العالمي لفترة طويلة، وكان مثالًا حقيقيًا للرياضي المتكامل؛ الأمر الذي لم يُولد بالصدفة ولم يأتِ من الفراغ؛ بل بامتلاك خطة ذات منهجية محددة ورؤية واضحة وتطبيق صارم.

المايسترو ظل يقاوم الإصابة ويحاول العودة مع وجود فريق يتشاور معه وأهل ومقربين يساندونه، إلا أن الحلول نفدت، والعمر الرياضي دقَّ ناقوس النهاية كلاعب يمسك المضرب بقوةٍ وجسارة، مع احتفاظه بمكانة الرياضي الذي سيكون له الأثر والعمل المتواصل بعد الاعتزال، فمثله يردد على نفسه: ما الخطة؟

ظل الحديث عن كريستانو رونالدو حتى آخر موعد لإغلاق باب الانتقالات الصيفية لهذا الموسم، وكان الحديث عن مفاجأة حول انتقاله للعديد من الأندية التي ارتبطت باسمه، خاصة مع جلوسه على مقاعد الاحتياطي مع ناديه مانشستر يونايتد والذي أيضًا لن يلعب هذا الموسم في بطولة دوري أبطال أوروبا وهو سيد هدافيها ونجمها المُفضل، لكنه يبدو فضل البقاء وخوض، حسب اعتقادي، الموسم الأصعب في مشواره الكروي، فما خطته؟ وهو اللاعب الأكثر اشتغالاً على نفسه، ونجده لا يتهاون في التدريب ويمتلك الشغف دائمًا، ويظهر ذلك جليًا في حديثه الأخير بعد استلامه لجائزة أفضل هدافي المنتخبات على مر التاريخ، هو لا يترك للصدفة بابا، ولا للأحداث فرصة إيقافه، ويعلم كيف يتحمل مسؤولية قراراته، حتى في ظل الحديث عن خطأ رحيله عن ريال مدريد وفق ما ترتب على ذلك من فقدانه للألقاب والإنجازات الفردية التي كان يحظى بها مع النادي الملكي، ظل "صاروخ ماديرا" مصوبًا عقله إلى الهدف الذي يريد.

لا مجال في عالم الرياضة لـ"ترك الحبل على الغارب" ولا يمكن أن تعمل الإدارات بعشوائية الهواة، هناك خطة وتساؤل يتم طرحه: ما هي الخطة؟ كم لاعب اندثر وسط تشتت خياراته، ونجوم أفلت بعد بريق لا يضاهى، وكم أندية سقطت إلى أقصى منحدر وهي التي كانت تعيش في برجٍ عاجي، والأمثلة أكثر من أن تحصر محليًا وإقليميًا ودوليًا.

لن نذهب بعيدًا، ولندير بوصلتنا على واقعنا العربي الإيجابي؛ فقد خططت قطر وعملت منذ سنوات نحو الوصول إلى نوفمبر 2022؛ ليعيش العالم على نبضها المونديالي، وقد اجتهدت أنس جابر لمكانة لم يحظَ بها أحد من جنسها الأنثوي والذكوري العربي وحتى الأفريقي في ملاعب الكرة الصفراء، وكذلك رسم محمد صلاح نقشه الفرعوني على عالم المستديرة بأجمل الألوان وأزهاها، وغيرهم من قبل ومن بعد، فهل نجح هؤلاء دون خطة ومعرفة إلى أين المسير، وهل نحن ناقصو معرفة وإرادة وموارد، نحن لا نحب على ما يبدو هذا السؤال: ما الخطة؟ وإن أحببناه، تركنا إجابته كيفما جاءت؛ لتملأ الفراغ دون إجابة صحيحة، فما الخطة لمنتخباتٍ تصل إلى كأس العالم؟ وما الخطة لميدالية أولمبية ترفع علم الوطن؟ وأين خطة البنية العالمية التي تستضيف أقوى البطولات؟ وكيف نعمل على خطة توجد أندية محترفة تشد عضد الاتحادات، ما الخطة؟ ما الخطة؟!!