أزعجتونا

 

د. خالد بن علي الخوالدي

khalid1330@hotmail.com

 

احترام خصوصية الأفراد من أهم الأساسيات التي تركز عليها القوانين الربانية والبشرية، وهذه الخصوصية غير محصورة في تصويره أو ابتزازه بكلمة أو إشارة أو نشر ما لا يرضى؛ بل يتعدى الأمر إلى استخدام بياناته الشخصية والهاتفية دون استئذان من أجل تحقيق مصالح مادية وإعلانية، وهو ما تفعله البنوك وشركات الاتصال من التعاون مع شركات أخرى تزعج المشتركين باتصالاتها وغالبًا ما تكون هذه الاتصالات في وقت الراحة.

والتعدي على خصوصيات الآخرين بهذه الطريقة المُزعجة يعد انتهاكًا خطيرًا وعملًا مشينًا، والأموال التي تجنى من هذه الطريقة المزعجة هي أموال مبنية على باطل وما بُني على باطل فهو باطل، فالمستهلك الذي لم يسمح لأي شركة أو مؤسسة حكومية كانت أو خاصة بإشراك الآخرين في بياناته الشخصية وأرقام هواتفه فإن أي مشاركة لهذه الخصوصية هو تعدٍ يرفضه المنطق والقانون.

سوق الإعلانات له وسائله وطرقه الكثيرة التي لا تُجبر المستهلك على الاستماع لها أو مشاهدتها وإنما هي اختيارية، أما أن تكون في أوقات الدوام أو في وقت الراحة أو على وشك النوم ويأتيك اتصال تظن في نفسك أنه مهم فترد ويكون المتصل من الشركة الفلانية أو المؤسسة العلانية ويضيع وقتك في سوالف ما لها أول ولا آخر، فهذا- من وجهة نظري- إزعاج وتعدٍ على الخصوصية الخاصة بالمستهلك والتي كفلها القانون وحماها بقوانين رادعة، وعلى المؤسسات المعنية اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة للحد من هذه التصرفات التي قد تكون فردية في هذه الآونة، ولكنها يمكن أن تكون ظاهرة في وقت آخر نتيجة رخص التكلفة الإعلانية لمثل هذه الشركات والمؤسسات.

هذه الشركات تعمل لتحقيق مصالحها الشخصية والوصول بمنتجاتها إلى المستهلك بأسهل طريقة ممكنة ضاربة عرض الحائط بكل ما يمكن إن يسببه هذا التواصل من أذى وإزعاج، فهذه الشركات لا تشعر بالمستهلك ولا تحترم خصوصياته، فقد يكون مريضًا أو مشغولًا بدراسة أو بعمل خاص أو حياة أخرى، وهناك اتصالات مُستمرة من الصباح الباكر إلى آخر ساعة من الليل وفي أوقات الراحة دون احترام ولا مبالاة ولا مراعاة لأي ظرف ولا خصوصية، وعندما يتم سؤالهم "من وين تجيبوا أرقام المستهلكين" تكون الإجابة من شركات الاتصال أو من بيانات المستهلك في البنوك.

إنَّ هذه التصرفات الفردية للشركات والمؤسسات الخاصة لابُد أن تتوقف حتى لا تتطور لتكون ظاهرة نجني منها مخاطر عديدة وإزعاجا متواصلا، ولا بُد من احترام خصوصية الإنسان وصونها، وعدم الاستخفاف بأوقات المستهلك ومشاركة بياناته الخاصة وأرقام هواتفه لما لهذا التصرف من تدخل سافر في خصوصية الأفراد ويشكل لهم قلقاً ومخاطر الابتزاز وغيرها.

وعلى المؤسسات الحكومية المعنية التنبه لهذا الأمر ومحاولة معالجته مع شركات الاتصال والبنوك، وفتح خط ساخن للملاحظات التي ترد في هذا الشأن، ودمتم ودامت عمان بخير.