بطاقة تقاعد أم شهادة وفاة؟!

 

طالب المقبالي

muqbali@gmail.com

 

في الوقت الذي يكون فيه الموظف المُتقاعد بحاجة إلى التسهيلات والدعم في الخدمات والتعويض عن فاقد الراتب الذي كان يتقاضاه عندما كان على رأس عمله، يفقد المتقاعد جميع الامتيازات التي كانت تقدم إليه وهو على رأس عمله.

وتسعى بعض الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة والخاصة إلى أن تولي موظفيها الرعاية التامة، وتقديم التسهيلات إليهم في الخدمات العامة التي تقدمها عدد من المؤسسات الصحية الخاصة، والمؤسسات التعليمية، والمؤسسات السياحية والطيران وأماكن الترفيه داخل سلطنة عمان وخارجها. كما تسعى بعض الجمعيات الأهلية في الحصول على الميزات والخدمات للمنتسبين إليها من الأعضاء تتمثل في توفير تخفيضات في الكليات والجامعات الخاصة للراغبين في مواصلة دراساتهم الجامعية أو الدراسات العليا سواء للأعضاء أنفسهم أو لأقاربهم من الدرجة الأولى، كذلك الحصول على تخفيضات في تذاكر السفر والفنادق والمنتجعات السياحية، كذلك الحصول على تخفيضات في المؤسسات الصحية الخاصة تصل إلى 25% للعضو ولأقاربه، وكذلك تسهيلات في وسائل النقل العامة والمرافق والصالات الرياضية، وصالات الألعاب وغيرها الكثير.

فهناك مؤسسات ووزارات حكومية، وأذكر منها وزارة التنمية الاجتماعية التي كنت أنتمي إليها؛ حيث كنَّا نحصل على تخفيضات في بعض المؤسسات الصحية تتراوح بين 10 إلى 25% كذلك المرافق الأخرى التي سبق ذكرها آنفًا. في حين تختفي هذه التسهيلات فور إحالة الموظف إلى التقاعد، ولسان الحال يقول كما يقال للمتقاعد: "مُت قاعدًا" فلا أعلم إن كانت هذه البطاقة بطاقة تقاعد أم شهادة وفاة؟! فحتى البطاقة تصميمها رديء وبياناتها غير واضحة، فهي بطاقة ميتة من بدايتها.

فمنذ زيارتي الأولى لصندوق التقاعد أصبتُ بالإحباط الشديد؛ إذ سألت إحدى الموظفات بالصندوق عن الامتيازات والحوافز التي سيتمتع بها المتقاعد، فقالت: لا شيء، لا توجد أي امتيازات عدا هذه البطاقة التي سلمتك إياها، وقد ذكرت ذلك في مقال سابق.

الغريب في الأمر أن القائمين على إدارة صندوق التقاعد لم يقدموا أي شيء يخدم المتقاعد لتجاوز الصعاب في هذه المرحلة؛ حيث كان من المفترض أن يقدموا مقترحات بتوفير التسهيلات للمتقاعدين لمواجهة الأوضاع الاقتصادية للمرحلة المقبلة، أسوة بما تقوم به المؤسسات الحكومية والخاصة، وكذلك الجمعيات الأهلية، فعمل الإدارة ليس تخليص الإجراءات لتسليم البطاقة ومعاش التقاعد فحسب، وإنما ابتكار أساليب وخطط من شأنها التخفيف عن المتقاعدين وتوفير الحياة الكريمة لهم، فاليوم أنتم على كراسي الوظيفة، وغدًا سيكون حالكم كحال أي متقاعد، فماذا قدمتم لأنفسكم وللمتقاعدين قبلكم وبعدكم؟

المتقاعد يواجه نقصًا في دخله الشهري ما يقارب ثلث الراتب، ويواجه بهذا الراتب الضرائب وارتفاع أسعار الوقود والماء والكهرباء والسلع بمختلف أنواعها الغذائية أو الاستهلاكية.

ففي مقال نُشّر لي في جريدة الرؤية بتاريخ 18 يناير 2022 بعنوان "تغييب دور المتقاعدين" تطرقتُ إلى جوانب كثيرة، لكن الذي لم يعش الدور لا يحس بالألم، ومن بين ما ذكرت في المقال "فعند مراجعتي قبل سنتين لصندوق تقاعد الخدمة المدنية من أجل استكمال إجراءات تقاعدي، سألت عن المميزات التقاعدية للمتقاعدين، فكان الرد أنه لا توجد أي مميزات، وأعتقد أنه لا توجد خطة للتواصل مع الجهات الخدمية والمستشفيات والفنادق والكليات والجامعات التي تُرحب بعقد مثل هذه الاتفاقيات، إلا إذا استجد جديد منذ عام 2020 حتى الآن".

وقد شكرتُ في ذلك المقال جمعية الصحفيين العمانية التي أولت هذا الجانب اهتمامًا كبيرًا، فوقعت عددًا من الاتفاقيات مع عدد من المؤسسات الخدمية، فحصلت على تخفيضات لأعضائها وصل بعضها إلى تخفيض بنسبة تتراوح بين 20 إلى 40 بالمائة، وهذا يُحسب لجمعية الصحفيين العمانية.

في الختام.. كلمة شكر وتقدير أبعثها إلى إدارة صندوق تقاعد الخدمة المدنية فيما يتعلق بالخدمات الإلكترونية لتوفير الخدمات عن بعد بكل احترافية، فقد سبق وأن طلبت تحويل معاشي التقاعدي من بنك إلى بنك آخر، ويتطلب هذا استصدار شهادات مُعينة أنجزتها من خلال الموقع، وبالأمس تحديدًا استخرجت شهادة "لمن يهمه الأمر" لغرضٍ ما، وقد استخرجت الشهادة من المنزل في غضون دقيقة واحدة فقط، بينما هذه الشهادات في بعض المؤسسات ما زالت تتطلب إلى زيارات شخصية لمقرات المؤسسات. ونتمنى أن يتجه الاهتمام بهذا القدر وبهذه الكفاءة أيضًا إلى إيجاد مميزات تقاعدية، وتوفير التسهيلات والتخفيضات للمتقاعدين في المستشفيات والمدارس والكليات والفنادق والجامعات الخاصة والمواصلات والوقود والكهرباء والمياه ووسائل الاتصال وغيرها من الخدمات التي تخفف من معاناة المتقاعدين.