مواردنا البشرية.. في مهب الريح

 

‏راشد بن حميد الراشدي

 

الموارد البشرية في العالم أجمع هي عصب حياة الشعوب وقوامها ومصدر عزتها وفخرها ومجدها، وفي سلطنة عُمان تولي الدولة اهتماماً خاصًا بتعليم وإعداد أجيال المستقبل في جميع مراحل التعليم بدأً من الحلقة الأولى بمدارس التعليم الأساسي وانتهاءً بالمرحلة الجامعية وفي مختلف التخصصات التي يحتاجها الوطن العزيز.

إلا أنَّ المتطلع لمخرجات التعليم الجامعي وما دون الجامعي يُلاحظ تكدس الكثير من الخريجين على أبواب الحصول على وظيفة يسد بها حاجته وحاجة أسرته التي تنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر في بلد يعيش فيه أكثر من مليوني وافد وتوجد فيه آلاف الفرص الوظيفية التي يمكن إحلالها بسهولة ويسر من خلال قوانين وأنظمة وتشريعات منظمة وجادة يتم مراقبتها من جهات عليا مباشرة.

إن ما تقوم به معظم الشركات اليوم من إجحاف في حق الباحثين عن عمل والمؤهلين لتولي تلك الوظائف باقتدار لهو أمر يثير حفيظة كل مواطن غيور على هذا الوطن فوجود آلاف العاملين من الكوادر البشرية الوافدة في مختلف الوظائف التي يمكن للمواطن العمل فيها لهو أمر صعب تقبُلهُ مقابل آلاف الباحثين والمسرحين الأكفاء في هذه المهن.

إنَّ التعمين المقنع الذي تقوم به هذه الشركات يستدعي من المسؤولين الضرب بيد من حديد على هذه الشركات من خلال خططها في التعمين والإحلال والإشراف المباشر على كل تفاصيل تلك الخطط والتفتيش الفجائي عليها في مواقع العمل.

إن تحديد الأجور بـ350 ريالًا كحد أدنى ساهم في تسريح الكثير من العمالة الوطنية ثم إرجاعها برواتب أقل من أجرها السابق بكثير حتى وصل الخصم إلى أكثر من 50% من ما كان يتقاضاه الموظف سابقا.

إن تبعية الموارد البشرية الوطنية لوزارة واحدة مع الموارد البشرية الوافدة ساهم في خلق تشتت للوزارة من حيث الكثافة العددية والمتابعة والجدية في تنفيذ القوانين وتطبيقها.

إن توافر الفرص في القطاع العام والخاص يحتاج إلى خطط مدروسة وقواعد بيانات محدثة ومعلومات مستقاةً من منابعها فسيطرت الوافد على معظم تلك الفرص مع بقاء المواطن الشاب المؤهل في بيته لسنوات سوف يخلق مشكلات اجتماعية وأمنية ونفسية لشباب الوطن.

فكم من أسرة تعاني اليوم عدم توظيف أبنائها وهم عالة على معيلهم في حياة ارتفعت تكاليف وتيرة كل شيء فيها من مصروفات يومية. وكم من أسرة تنتظر توظيف أبنائها ومعيلها مسرح أو متقاعد أو متوفى ولا يملكون شيئا في هذه الحياة سوى أمل توظيف أبنائهم.

الكوادر الوطنية البشرية هي عماد هذا الوطن فمهما خدم الوافد هذا الوطن فإنَّ انتماءه ومصيره إلى وطنه ونحن نسمع ونرى تلك الإحصائيات المهولة لتحويلات الوافدين إلى أوطانهم، بينما صاحب الدار يجلس مكتوف الأيدي ينتظر الوظيفة التي هو أحق بها أمام عتبة بيته وقد استنفذ كل الحلول للحصول على فرصته وحقه المكتسب وسط وطنه.

عشرات العائلات تفترش الطرقات سعياً للعيش الكريم وفيها خريجو جامعات وقد أعياهم البحث ولم يتبق لهم إلا تلك العرصات البسيطة على الطرقات التي يبيعون فيها نتاج أسرهم.

اليوم أناشد الجميع بأهمية التيقظ لهذه الكوادر الوطنية المؤهلة وعدم رميها في مهب الريح بينما الكوادر الوافدة تسيطر على فرصة أبناء عمُان وحقهم في العيش الكريم، وأقترح تشكيل هيئة عُليا لمتابعة جهود الإحلال والتعمين تعمل بمهنية وشفافية من أجل مستقبل مشرق لهذا الوطن وأبنائه وجلالة السلطان- حفظه الله ورعاه- أولى أهمية بالكوادر الوطنية وحثَّ على توظيفها ومتابعة كل جوانب الإحلال والتعمين فيها بما يتناسب ومخرجات مؤسسات التعليم وفي مختلف المستويات التعليمية.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها وأدام عليهم نعمة الأمن والأمان والخير وفك كربة الباحثين والمسرحين نحو حياة كريمة هانئة.

** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية