"وإن تعدّوا نعمةَ الله لا تُحصوها"

 

منى بنت حمد البلوشية

 

النِعم التي أنعمها الله علينا كثيرة لا تُعدّ ولا تُحصى ونحن على أرض عُمان الطيبة التي حباها الله بالكثير من النِعم. كل ما علينا هو كيفية المحافظة عليها، وكيف يمكننا أن نبادلها بالشكر والحمد لتدوم وتزداد، فهي كثيرة لا ولن نستطيع عدها وحصرها.

في مقالتي هذه لن أتحدث عن أسباب انقطاع الكهرباء والخسائر التي تكبدتها المؤسسات الحكومية والخاصة والبشرية، ولن أتحدث عما حدث لتلك البيوت خلال تلك الساعات الطوال التي أصبحت بلا إنارة وأجهزة تكييف وتبريد، ولا كيف عانى ذلك المريض من جراء الانقطاع المفاجئ للكهرباء حتى عادت لهم تدريجيا، وأعلم بأنه كحدث مثل هذا  لن يمر مرورا كمرور الكرام.

لا أتذكر منذ أن ولدت أن انقطعت الكهرباء هكذا سوى عن منطقتي فقط، وبإنذار مسبق لأخذ الحيطة والحذر، وبعد ساعات قلائل تعود، وعندما تعرضت منطقتي للأنواء المناخية التي حدثت لها جراء إعصار شاهين وهو أمر طبيعي، فكيف هو بانقطاع عن العديد من المناطق ومحافظات السلطنة في آنٍ واحد؟ وكيف توقفت المحطات وإشارات المرور وعمّ الصخب والضجر، والمواقف التي لا تحمد عقباها والاصطدامات التي حدثت، ومن ينادي بمحاسبة من له صلة بما حدث، وكيف يجب إعادة الهيكلة بشكل كامل وجديد، وكيف لابد من وجود طرق بديلة لتحل محل الانقطاع المفاجئ للكهرباء، ومواقف الاستياء التي حدثت، وأنا معهم لما حدث ولهم الحق في كل ما حدث، ولكن علينا ألا نسيء استخدام الألفاظ والكلمات وعلينا أن نكون إيجابيين في الأحداث التي تحدث، ولنكن واقعيين ولنتوقع حدوث مثل الانقطاع الذي حدث للكهرباء،لأسباب نحن لا نعلمها ونجهلها، وأخذ كل التجارب والمعوقات والتحديات واستخلاص البدائل لها.

علينا أن نعي بأن النِعم تحتاج لأن نحافظ عليها، وكثيرة هي الأقوال والعبارات التي شغلت بها العقول، ولكن هنالك شيء ما علينا أن نستوعبه ونقف من خلاله وقفة تأمل وأخذ العِبر والمواعظ.

ربما هي نعمة أن يحدث ما حدث لنستشعر عدة أشياء بدواخلنا، وكيف هي بين أيدينا سهلة ميسرة رغم الغلاء الذي حلَّ على فواتير الكهرباء والضرائب وغيرها، وهناك من الفئات الكثيرة ممن كان يتهاون في الاستخدام الأمثل للكهرباء والإساءة في استخدامها، وإلا فلماذا هنالك ساعة تسمى بساعة الأرض؟

ولن نشعر بها إلا بعد ضياعها أو بعد أن تزول من بين أيدينا -لا سمح الله- فكم كان هنالك من المرضى في البيوت يستغيثون، وهم تحت أجهزة التنفس التي تعمل بالكهرباء، وأُسر كثيرة لاحول ولا قوة لهم، كل هذا علينا أن نستوعبه ونستشعره، نعم كثيرة النِعم التي نحن اليوم نتمتع بها رغم كل العناء والتعب الذي حصدناه من أجلها ولكنها تحتاج لأن نستشعر قيمتها ووجودها  في حياتنا.

مدارس أغلقت أبوابها بسبب ما حدث بعد أن كان طلابها يستشعرون الفرحة في قلوبهم يتساءلون كنا في إجازة فلم اليوم نحن في البيوت، التعليم نعمة ونحن نتمتع به وغيرنا لا يجد لأبنائه مكانا لتعليمه، فلو عدنا قليلاً للوراء لتذكرنا شاشات التعليم عن بُعد وكيف كان الجميع يتمنى عودة المدارس كما هي عليه اليوم، نحن نعيش في أمن وأمان ونِعم كثيرة علينا ألا نفرط بها وأن نستكثرها بالحمد والشكر عليها، وألا نقابلها بالتذمر والضجر.

"وإن تَعدُوا نعمةَ الله لا تُحصوها".. فلو هممنا لإحصاء النِعم التي بين أيدينا لن نستطيع عدها، أنا هنا أمعنت النظر والتأمل لنعمة الكهرباء التي لو سُلبت منِّا ماذا سيحدث لنا وقد اعتدنا عليها، وكيف كان أجدادنا يتمتعون بحياتهم رغم عدم وجود هذا النعمة لديهم، وجيل بعد جيل يعتاد على نِعم كثيرة لم تكن مع الأجيال التي ذهبت، ونحن هنا نتمتع بالكثير والحمدلله.

تعليق عبر الفيس بوك