فوبيا "قوس قزح".. وانحدار القيم العليا

 

مسعود الحمداني

samawat2004@live.com

 

لم يبقَ من الأخلاق إلا اسمها، ولا من المبادئ إلا رسمها، ولم يعُد ما آمنّا به بالأمس، صالحًا لحياة اليوم، ولم يعد ما تربّينا عليه في الماضي، موافقًا لهوى الحاضر، فكل شيء قد تغيّر حاله، وتبدل مآله، ولم يعد للوالدين سلطة في تربية أبنائهم، ولم يعد للزوج يدٌ على زوجته، ولم تعد الأنثى هي الأنثى بمفهومنا القديم، ولا الذكر هو الذكر حسب مواصفات العصر الحديث، ولم تعد الأسرة كيانًا متماسكًا، آمنًا، مطمئنًا، فكان للغرب ما أرادوه من هدم للأسرة، وصار لهم ما ابتغوه من سحل مفاهيم المجتمعات المحافظة؛ بل أصبح ما خططوا له من حقوق الإنسان "البهيمي" واقعًا مفروضًا بمعاهدات، ومواثيق دولية، لا يُمكن المساس بها، أو الخروج من جحيمها، ووقعت للأسف كثير من دول العالم على هذه الاتفاقية المارقة المشبوهة والمشؤومة بحجة حقوق الإنسان.

وأصبح "قوس قزح" بألوانه السبعة التي كنَّا نحبها، ونفرح بها، مثارًا للجدل، ننظر إليه بريبة، فهذا "القوس" الذي يُبهج نفوسنا- حين كنَّا صغارًا- عندما ينزل المطر، أصبح يمثل علم "المِثليين" الذين بدأوا في غزو العالم، واختراق المنظومات القيمية الاجتماعية العالمية؛ بل إنهم صاروا يجاهرون بميولهم الشاذة، وعلى الجميع أن يتقبلهم، وإلّا ستُصب عليه لعنة منظمات "حقوق الإنسان"؛ بل إن بعض الدول بدأت في الترويج لهذا السلوك البهيمي في المدارس، وأعطت بعض الدول الأوروبية حق تغيير الجنس للأطفال الذين ما زالوا في صفوفهم الأولى، وعلى جميع الطلبة احترام المثليين، والتعايش معهم، و"احترامهم"، وإلّا واجهوا عقوبات تصل إلى السجن خمس سنوات!!

ولأنَّ دور الأبوين في بعض المجتمعات- المتخلفة أخلاقيًا- صار مجرد عملية "تلاقح"، فلا سيطرة أو تحكّم أو توجيه للأطفال؛ بل بإمكان الطفل الذي لم يبلغ الحلم أن يقاضي أبويه، وأصبح للفتاة المراهقة التي لم تتجاوز الخامسة عشرة من العمر حق الانفصال عن منزل الأبوين، والعيش مع صديقها في منزل واحد،  ولا يستطيع الأب أن يفتح فمه للاعتراض، أو التوبيخ، فكل شيء أصبح متاحًا، وكل شذوذ أصبح قانونيًا؛ بل إنَّ الدول الإسلامية التي وقعت على معاهدة "سيداو"- مثلا- عطّلت كل ما يتعارض مع بنود هذه المعاهدة، حتى وإن كان ذلك يتنافى مع الدين، أو الأعراف الاجتماعية، أو العادات والتقاليد، فأصبح من حق الزوجة أن تتصرف كيف تشاء، وأن تمتنع عن أداء حقوق الزوج، وأن تنفصل عنه بكل بساطة، حتى وإن ضاعت حقوق الأطفال، أو حتى إن كانت تصرفاتها مشينة تحت سمع وبصر الزوج، ولا يحق للزوج أن يطالب بحقوقه لأن ذلك يعرضه للسجن أو الغرامات.

إلى أيّ منحدر يسير العالم؟ بل إلى أي رذيلة يقوده هؤلاء المعتوهين؟ وأي شيطان سوّل لهم كل هذا الدمار الأخلاقي المقيت؟ وكيف نجحوا في الوصول إلى ما وصلوا إليه تحت ذريعة حقوق الإنسان؟ فالحرية التي يمتاز بها البشر عن البهيمة هي تلك الحرية التي تنظم حياة الناس، ولا تهدمها، وتضع نظامها الأخلاقي النابع من تحضرها، ورقيها عبر الآف السنين، وليس الانفلات من كل قيود "المنظومة الأخلاقية"، لكي يبني الغرب حضارته المادية على حساب الفطرة الكونية التي تسمو بالإنسان، ولا تنحدر به إلى أسفل السافلين.