شيء من الماضي

 

عائض الأحمد

 

 

صديق الطفولة وميدان الشقاوة وعبث الصبا هاله ما رأى، أو هكذا ظننتُ، فهو لم يدرك أو يستوعب أن صغار الأمس رجال اليوم، لم يتغير ولم يؤمن بأنَّ الحياة لم تكن لتقف في هذه المرحلة علمًا بأنه وصل إلى ما وصل إليه، ولكن روتين الحياة وربما طبيعة عمله التي تعتمد على التكرار أو المُمارسة الميدانية المعتادة التي لا تتطلب إبداعًا مُعينًا سمحت له بالأُلفة أو التأقلم أيضًا عندما وافقت شخصيته الفوضوية التي ما زال يصدرها لنا إلى الآن.

وليس ببعيد ذاك اللقاء الذي جعل كل الرؤوس تدور لتستقصي ما يدور من دخول مفاجئ ثم اعتراض أعقبه صفعة على رقبتي سمعها من في الطابق العلوي! وسط جمع لم يكن يعرفه مبادرا بلزمته القديمة "ولد عائشة" أين أنت؟ ثم أخذ موقعه دون أن يُبالي واتَّكأ تأهبا لسرد قصصه ليُذكرني بما نسيته أو تناسيته، وأنا إلى صباح اليوم أنظر على أولادي  بأنني كنت الأول في كل شيء، قبَّح الله لقاءً أنت فيه يا مسعود!

لم تكن أمي تعلم بأنني أمضيت بمعيتك عامين متتالين: كمعيد في الصف الرابع الابتدائي حينها، وبعد خمسين سنة تأتي بكل بساطة وتنشر حبل غسيلنا وتنتهك شيئاً من ماضينا، لم يعلمه أقرب الناس لنا.

 ستر الله طفولتنا وبراءة أيام خوالٍ، فمن أتى بهذا الرجل "الكارثة" ليحيي عثراتنا، يا رجل الوقت لم يعد ملكك الآن، لكل منِّا وضعه الاجتماعي وأسرته ومجتمع يحيطه، هلا استوعبت وهجرت شيطانك وأخرسته.

الحديث له من أين لك كل هذا؟ ونحن نًراقب ما يأكله ابن "عزيزة" علَّه يشفق علينا بجزء يسير منه لنتذوقه فقط، في سقطة من سقطات الزمن وأنت تتمنى أن تكون أخاً له حبا فيما لديه، وطمعا في مقام والده وابنة عمه التي أبهرتك وأخذت بلباب عقلك الطائش.

تذكرت حبك الفاشل.. بالله عليك كيف سمحت لنفسك أن تمسك القلم الآن بعد رسالتك الغرامية التي وقعت في يد والد الفتاة المسكينة التي أبرحها ضربًا وكسرًا وجمعًا وحشرًا في زاوية لم تكن لتحميها، بسبب غبائك وما كنت تظن بأنه حبك الأول. قدرها تلك المسكينة التي أنساها وجهك الأغبر معنى التواصل بقية عمرها حتى أقسمت أن تعيش عَزباء على أطلال غبائك.

 

ختامًا.. لا تبرر أفعالك بأقوال؛ فبعض البشر يشبهون "القنابل الموقوتة"، يشعرونك أنك متهم دائمًا، وعليك أن تبرر لهم كل أفعالك، ثم يدعون الله أن يرفع عنك العقاب الكوني الذي أصابك، ويسهل له ما حل به من ابتلاء، لاختبار إيمانه.

*****

ومضة: الجبناء يهربون، ثم يضعون الحواجز.

يقول الأحمد: العودة قريبة لمن يريد!