هل بعنا النارجيل قبل أن يبيعنا؟

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

كل الحقائق التي تكون سلوكًا وعملًا على أرض الواقع، تبدأ من فكرة يتم اعتمادها ويسري واقعها وتكون سهلة التطبيق حتى لو لم تكن موفقة؛ بل ويتم توارثها عبر الأجيال حتى يأتي توجهًا وفكرة أخرى ومن خلال هذا التساؤل والإيضاح تتم مراجعة الأمر، ثم يأتي دور أصحاب القرار، ويكون من بينهم عقول لها المقدرة والعزم وحب العمل والإبداع والمراجعة والإنتاج، وتتبنى تلك المراجعة توجهًا آخر  ويتم إقرار ما هو مناسب ويكون القرار متوازنًا عادلًا، يُراعي كل الجوانب دونما أي تحيز أو محاباة يكون عمادها المصلحة الوطنية الخالصة.

عندما نتحدث عن النخلة في عُمان فإنها- عرفًا- تشمل نخيل التمور ونخيل النارجيل، وهنا أقف إجلالًا واحترامًا لهذا الرمز الكبير الذي قد يكون واحدًا من أهم أسباب الحياة على هذه الرقعة من الأرض، وإني وأبدًا لن أرشح نفسي للحديث عن خصائصها وأنواعها وما تنتج من غذاء ودواء وأثاث ووقود أو غير ذلك، غير أني اليوم أقف أمام أمر أتمنى أن تكون لنا معه وقفة ودراسة. وأركز حديثي اليوم عن وضع شجرة النارجيل وأسعار منتجها (المشلي)، وقبل كل شيء أسأل الجميع ومن خلال موسم الخريف الحالي: كم منِّا استمتع بشرب المشلي البارد من النوع الممتاز وكما يتمنى؟

الإجابة أقل أن يقال عنها قليلًا جدًا، والسؤال الأهم والذي أوجّه مسؤوليته إلى كل معني بتحديد الأسعار بحدود المئتين أو المئتين وخمسين بيسة للمستهلك، بعد زراعتها وقطفها والشراء بالجملة والمفرد والتبريد والتقديم. إذن ما قيمتها في المزرعة وما هي مصلحة المزارع من المحافظة عليها ومن يصّدق أنها أجبرت عمليًا المزارع أن تخرج من مزرعته بسعرٍ قد لا يتعدى  25 بيسة وهذا التقريب عن اطلاع ومعرفة والسؤال الذي يجب أن نسأله أنفسنا وبوضوح كم منتج زراعي في الوطن يتم تحديده بهذه الصرامة هل التمور أو الطماطم أو البطيخ أو أي منتج آخر.. إذن لماذا هذه الشجرة التي لا تنمو على مستوى الخليج العربي أو حتى أغلب الدول العربية إلا في عمان ولأنها سلعة استراتيجية واحتياطي غذائي وطني هام جدًا ويتم محاصرتها بهذه الطريقة.

قد يكون للمستهلك رأي آخر وعلينا تقديره واحترامه ومع ذلك فإن معرفته أن هذا الأسلوب قد يفقد هذا الكنز الثمين مستقبله حتى الاختفاء والذي ولسوء الحظ أيضًا بدأت بعض الآفات إيجاد تحدٍ آخر لا يستهان به  ولذلك فإني على يقين أن نظرته ستتعدى فكر الفارق الذي سيجعل من قيمة هذا المنتج الوطني أفضل حالًا ذلك أن المستهلك العماني لا يستخدم إلا الجزء الأقل بكثير أمام الطلب العالمي عليه وأن تقليل شأنه من خلال هذا التحديد لن يكون إلا على حساب مكان نشأته أما التجار الآخرون فإنهم سيقدمونه للعالم كما يستحق.

وأخيرًا.. إنني وكما أتحدث دومًا، أطرح فكرًا وطنيًا خالصًا وأن المختصين هم المعنيون بقراءة ذلك كما يجب، وإنني دومًا أذكركم جميعًا أن بعض الأحداث تكون بها جوانب مخفية خطيرة لا يعلمها إلا المدققون بعمق في هذا الجانب.

والسؤال الأهم أين شجرة المانجو العُمانية وأين الليمون العماني لماذا اختفى؟ ولماذا لم تختفِ مُنتجات أخرى لا يوجد لها شبيه إقليمي؟ لماذا فقط تدور الدوائر على منتجات يمكن تعويضها من جهاتٍ أخرى؟ ولكم جميعًا أترك هذه المسؤولية تجاه وطننا العزيز.