النهوض الاقتصادي من زاوية أخرى

 

 

بدر الشعيلي

salimbader28@gmail.com

 

في بالي أفكار مختمرة تراودني بين الحين والآخر، وتطرق خيالي بين الفينة والأخرى لتقول: لم نحن بهذا الوضع الاقتصادي؟ لم لا نستطيع حتى النهوض للمستوى الاقتصادي الذي نرضي به أنفسنا؟

حاولت جاهدا التفكير في السبب المؤدي لمثل هذه التراكمات الفكرية في دماغي، وخلصت إلى فكرة جوهرية، وقد يمكن أن نطلق عليها فرضية لأنها تحتاج إلى أدلة عديدة لتأكيدها، ولكن غاية ما في الأمر أن أطرحها في هذه الأسطر البسيطة.

أولاً وقبل كل شيء، أعتقد أننا اعتدنا مع تقادم السنوات الطويلة على فكرة معينة، ألا وهي أن ينزل الراتب لي كل شهر في حسابي بمبلغ مُعين يرضي ضميري، ثم إن هذا الراتب مضمون بضمان وجود الدولة اقتصاديا.

ومع تفضيلنا لوسائل الراحة المُختلفة، أصبحنا نفضل العمل في الجهات الحكومية- ولا أختلف طبعًا مع هذا القرار- لأنَّ النفس الإنسانية بطبيعتها تركن إلى الراحة التي توفر لها أمانا وظيفيا تامًّا، ولكن هل سألنا أنفسنا يومًا: هل نحن فعلاً نشارك في تنمية عجلة الاقتصاد لنصل بدولتنا إلى مستوى عال في الاقتصاد؟

القطاع الخاص- مع شكوى تعقيداته- إلا أنه يحتمل توفير الكثير من الفرص الإبداعية، ويحتمل استيعاب الكثير من الطاقات البشرية، وكل هذا التدافع لتطبيق معيار "البقاء للأصلح" هو سبيل لخفض شركات وانهيارها، وهو سبيل لتقدم شركات أخرى وعبورها للقارات.

هل سألنا أنفسنا يوما: لم الولايات المتحدة الأمريكية بهذا التقدم؟ الجواب بسيط: هو في القطاع الخاص. كل الشركات التي نراها اليوم هي أملاك خاصة لأفراد بدؤوا من الصفر، لأفراد سخروا طاقاتهم البشرية لتبقى شركاتهم ضمن الشركات "الأصلح"، وكل هذا التدافع القوي أدى إلى دفع عجلة التنمية الاقتصادية نحو الأمام.

اعتيادنا الأساسي على العمل الحكومي أدى إلى قلة الإنتاجية، وإلى انعدام فكرة السعي للتقدم والرقي بالمؤسسة لسبب واحد هو أننا لا نملك هذه المؤسسة لأنها تبع للدولة، وهذه الفكرة لا يمكن تعديلها لأنها فطرة بشرية تقتضي بأن لا نهتم كثيرا بأمر لا نملكه نحن على وجه الخصوص، ولكن عند النظر في القطاع الخاص نجد أن العامل الصغير في الشركة يسعى جاهدا أن يدفع بعجلة الشركة للأمام، وأن يُخرج أقصى ما عنده من الطاقات لتكون الشركة في مقر الأمان؛ إذ إنه لو لم يثبت ذاته في هذه الشركة لكان أقل ما يُفعل في حقه هو الطرد، وهو لا يُريد هذا لأنه يسعى لتوفير لقمة العيش له ولأسرته.

بهذا كان القطاع الخاص هو رائد التدافع التنموي والسعي بالدولة إلى التقدم والرقي باقتصادها، وبسبب أن الكل يسعى لتقدم مؤسسته الخاصة، نجد أننا لا شعورياً نأخذ بدولتنا نحو الأمام، ولا نتركها في مؤخرة خيط التقدم.

كان الدافع شخصي لكسب المزيد من المال في المؤسسات الخاصة بدءا من أصغر عامل وانتهاء بمديرها، ليصبح الواقع عاما وهو تقدم الدولة في مصاف الدول الاقتصادية وسعيها إلى إثبات نفسها عالميا.

هذا يقهر ذا، وذاك هو الآخر يجلس إلى ساعات متأخرة من الليل في اجتماعات متتالية مع موظفيه، وآخر يخرج من دولته بفريق عمله ليرى ما أنجزه الآخرون في الدول المتقدمة، ساعيا بذلك لمزيد تطور والنماء.

بهذه القوة التي يسعى الكل لإثبات ذاته بها، ستختفي فكرة أذهاننا المتأصلة في الخروج في ساعة مُعينة بعد انتهاء العمل، وسنستبدلها بفكرة الإنجاز الذي يحققه العامل خلال يومه حتى لو تأخر إلى أنصاف الليالي ساهرا على عمله لينجزه.

  • أفكار "باحث عن عمل" في سبيل التنمية الاقتصادية

تعليق عبر الفيس بوك