الاهتمام بريادة الأعمال في عُمان

خليل بن عبدالله الخنجي **

 

يُعرف مصطلح ريادة الأعمال عالميًا بأنه أسلوب تحويل الفكرة إلى عمل مُجدٍ تجاريًا مرورًا بكافة مراحل التأسيس والنمو والتمويل بطريقة فعَّالة وغير تقليدية؛ هدفها الاستدامة من أجل الحصول على فائدة وتحقيق استقلال مالي، وبذلك يتم تنمية مؤسسة ناشئة بالشراكة مع العملاء والموردين والمستثمرين.

وريادة الأعمال ليست شيئًا سهلًا؛ حيث إن معظم الشركات الجديدة -غير المنظمة جيدًا مهددة بالإغلاق بموجب تحديات غير مدروسة؛ لذلك تسعى الدول إلى دعمها بدراسات الجدوى والتمويل السهل والمتابعة اللصيقة من خلال مؤسسات رسمية حكومية أو قطاع خاص كمسؤولية اجتماعية للشركات ومن أهم مميزات ريادة الأعمال أو العمل الحر الريادي أنه يعفيك من الالتزام بمكان محدد للعمل، فأنت كشخص مستقل يمكنك العمل من أي مكان تجد فيه راحتك حتى لو كان منزلك أو المكتبة القريبة أو المقهى المحبب إليك أو حديقة القرية.

في عمان بدأت هذه الرعاية بتأسيس بنك تنمية عمان تلاه صدور المرسوم السلطاني رقم (81/ 50) بتأسيس شركة مساهمة عمانية باسم "بنك عمان للزراعة والأسماك"، وذلك من أجل تقديم القروض القصيرة والمتوسطة والطويلة إلى العمانيين والشركات العمانية لتمويل المشروعات التي تتصل اتصالًا مباشرًا بالزراعة والأسماك وتقديم كافة الضمانات البنكية المحققة لأغراض البنك الموضحة أعلاه، وخاصة ضمان القروض التي تمنحها البنوك التجارية أو المؤسسات المالية الوطنية للعمانيين والشركات العمانية المشتغلة بالزراعة أو الأسماك والاشتراك مع الوزارات المعنية في تنظيم توزيع القروض والمنح المقررة لهذين القطاعين في الموازنات الإنمائية السنوية، وكذلك المساهمة في رؤوس أموال الشركات العمانية العاملة في مشروعات الزراعة والأسماك؛ ومنها: تربية الماشية والمشروعات السمكية والصناعات الزراعية أو التعهد بتغطية الاكتتاب العام في أسهم هذه الشركات في حدود لا تتجاوز 20 في المائة من القيمة الصافية للبنك، وتقديم المعونة الفنية للعمانيين والشركات العمانية بناءً على طلبها، وذلك في حدود الموارد المتاحة للبنك، كما جاء في مضمون المرسوم السلطاني الذي نظم العلاقة بين رواد الأعمال وبنك عمان للزراعة والأسماك وقتذاك.

ومن المؤسسات المالية التي أوجدت لدعم رواد الأعمال أيضًا، بنك التنمية العُماني، المؤسسة الرائدة الأولى في تمويل المشاريع ذات القيمة المضافة في الاقتصاد الوطني والمشاريع التي توفر فرص التشغيل الذاتي، إلى جانب توفير التسهيلات والمنتجات الملائمة  لكافة الشرائح متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة والكبيرة، ومشاريع الشراكة وقد جاء بنك التنمية العُماني امتداداً لبنك تنمية عُمان المتأسس في عام 1976 وبنك عُمان للزراعة والأسماك المتأسس في عام 1981 الذي تم إنشاؤه بموجب المرسوم السلطاني رقم (18/ 97) القاضي بتأسيس بنك التنمية العماني ومباشرته لاختصاصات البنكين السابقين.

أما برنامج "سند"، فهو مشروع  عماني خرج من رحم الندوة الأولى لتشغيل القوى العاملة الوطنية في عام 2001، وأحد أكبر البرامج المؤسسية الهادفة لدعم المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر وإيجاد فرص عمل للعمانيين، وقد ساهم منذ تأسيسه تحت مظلة وزارة القوى العاملة (سابقًا) وبالتعاون مع غرفة تجارة وصناعة عُمان وأصحاب وصاحبات الأعمال والشركات الكبيرة التي لم تألوا جهدًا في تخصيص تمويل خاص لأصحاب البقالات الذين استفادوا من مشروع الحماية لبيع المواد الغذائية بالمفرق، وقد كانت قيمة تمويل برنامج سند للمشاريع الصغيرة التابعة لرواد الأعمال تتراوح بين 5 آلاف ريال عماني إلى 20 ألف ريال عماني بحد أقصى، وتم تخصيص حفل سنوي للاحتفاء بإنجازات رواد الأعمال من خلال "جائزة سند" التي كان يترأسها رئيس غرفة تجارة وصناعة عُمان في تلك الفترة، وكانت الجوائز برعاية شركات القطاع الخاص بالكامل. وقد استمر العمل بهذا البرنامج حتى العام 2013 حين تم الإعلان عن دمج برنامج سند في صندوق الرفد من خلال قرارات ندوة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي عقدت في سيح الشامخات خلال الفترة من 21 إلى 23‎‎ يناير 2013م‎، وجاءت التوجيهات السامية في حينه من لدن المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد، بإنشاء صندوق الرفد وإصدار نظامه وفق المرسوم السلطاني رقم (6/ 2013) الذي تم من خلاله ضم 3 برامج للتمويل: برنامج سند، وصندوق موارد الرزق، وبرنامج المرأة الريفية؛ وذلك بهدف تمكين الشباب والشابات من تأسيس وتطوير مشاريعهم الصغيرة والمتوسطة، وبلغ رأس مال الصندوق الذي تمتع بالاستقلال المالي والإداري 70 مليون ريال عماني، يضاف إليها 7 ملايين سنويًا. وفي الأول من يناير 2014م انطلق النشاط الفعلي للصندوق من خلال حزمة أولى من البرامج التمويلية إلى عام 2021 الذي تم فيه إحالة أصوله ومحفظته التمويلية إلى هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مع تكليف بنك التنمية العماني بإدارة القروض وبذلك تم إغلاق جميع منافذ الرفد في المحافظات.

كل ما سبق، يؤكد لنا أن الاهتمام بريادة الأعمال من أولويات القيادة العمانية منذ فجر النهضة العمانية في 1970، حين تم تأسيس بنك تنمية عمان تلاه بنك عمان للزارعة والأسماك وبنك التنمية العماني وبرنامج سند وصندوق رفد وصندوق موارد الرزق وبرامج المرأة الريفية ومؤسسات أخرى متنوعة أسست في عمان لدعم أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال.

وأخيرًا.. تم منح جميع رواد الأعمال حاملي "بطاقة ريادة" المتفرغين لأعمالهم الخاصة حق التصويت في انتخابات غرفة تجارة وصناعة عمان المزمع الاقتراع فيها قبل نهاية هذا العام؛ ليختاروا ممثليهم في جميع فروع الغرفة من بين المترشحين، علمًا بأنَّ نظام الغرفة- الصادر هذا العام- أكد ضرورة حضور رواد الأعمال شخصيًا للاقتراع السري بالحضور أو التصويت عن بعد من خلال الحواسيب الآلية وعدم جواز التوكيل؛ وذلك لأهمية بيت التجار بالنسبة لرواد الأعمال.. نتمنى من جميع رواد الأعمال انتخاب من هو الأصلح لتمثيلهم في الانتخابات القادمة من بين المترشحين لمجالس إدارات فروع الغرفة والمركز الرئيسي في مسقط.

** الرئيس الأسبق لغرفة تجارة وصناعة عُمان