هل نقطع شجرة التين أم نقتل طائر البابو؟!

 

وليد بن سيف الزيدي

ربما ينظر البعض من أفراد الجيل الحالي والجيل الذي يسبقه بقليل إلى هذا التساؤل (هل نقطع شجرة التين أم نقتل طائر البابو؟!) على أنه غريب وغير مألوف من حيث الألفاظ، ناهيك عن المعنى الذي يحمله هذا التساؤل. وذلك نتيجة طبيعية لما فرضته متغيرات الحياة المتسارعة حول ظهور اهتمامات أخرى لدى هذه الأجيال غير تلك الاهتمامات التي كان عليها الآباء والأجداد.

ولإزالة ذلك التعجب سوف أسرد الحديث التالي حول هذا التساؤل لعل وعسى يصبح مألوفًا بعد ذلك لدى البعض من هذه الأجيال من الأبناء حتى يستطيعوا فهم ما حولهم بمنظور واسع ثم تسخير ذلك الفهم لما ينفعهم في التعامل مع ما يعترضهم من تحديات خلال مسيرة حياتهم.

من المعلوم لدى الجميع أن التمور وبعض الأنواع من الفاكهة هي من الأغذية المناسبة لدى بعض الطيور ومنها طائر البابو الذي ورد ذكره في عنوان هذا المقال وعلاقته بثمرة التين. وحيث إن المعنى الذي يحمله هذا العنوان هو قائم على محاولة البحث عن الحل الجذري لمشكلة ما قد يعاني منها الأفراد أو المجتمعات أو المؤسسات أو الدول في مختلف جوانب حياة الإنسان وربما تستمر لفترات زمنية طويلة.

فهل يكون الحل للمشكلة بقطع شجرة التين أم بقتل طائر البابو؟ ماذا لو تم قتل طائر البابو؟ فهل سيضمن ذلك لنا عدم عودة طائر آخر إلى نفس الشجرة؟ ماذا لو قطعنا شجرة التين؟ هل ستكون هناك فرصة أخرى لعودة طائر البابو إليها؟

نعم.. وبعد هذه التساؤلات من المتوقع أن الفكرة قد وصلت إليك يا أخي القارئ. ولتوضيحها بشكل أفضل سأعمل على إسقاط هذا التساؤل على بعض المواقف التي نراها ونسمعها وربما نعيشها بشكل يومي.

ولو افترضنا أن مواقع التواصل الاجتماعي هي شجرة التين وأن البعض من المغردين أو المتحدثين هم طيور البابو، والتي غالبًا ما تكون تلك التغريدات المتعمدة ولأسباب مجهولة لدى البعض مصدرًا لإزعاج العديد من الأفراد والمجتمعات والشعوب وربما الجهات الرسمية كذلك، وفيها مضيعة للكثير من الأوقات وتعطيل للفكر في تقديم كل ما هو نافع.

فأين يكمن الحل هنا؟ فهل بالقضاء على طيور البابو (المغردون) والتي سرعان ما سوف تأتي طيور أخرى لتغرد بما يُشغل الفرد والمجتمع عمَّا ينفعه في دينه ودنياه؟ أم الحل يكون في التعامل من قبل الجهات المختصة مع تلك المواقع بالحظر مثلًا أو التقنين منها أو التضيق في استخدامها أو وضع القوانين الرادعة كما هو حاصل لدى بعض الدول في العالم بدلًا من تركها مفتوحة على مصراعيها، وخاصة عندما تصبح تلك المواقع معاول لهدم العديد من القيم والأفكار الأصيلة والمستمدة من تعاليم ديننا الإسلامي؟

نفس الأمر يُقال عندما يكون هناك موظف لمؤسسة حكومية مُخلًا أو مقصرًا في عمله؛ بل ويتعمد ذلك وبشكل متكرر ولفترات طويلة من زمن حياة الفرد ويترتب عليه أثر ليس بجيد على زمن ونوع الإنجاز سواء على المستوى الفردي أو المؤسسي، واللذان يعتبران من أركان قوة ونهضة الأوطان. فهل الحل يكون بالتخلص من طائر البابو (الموظف المُخل بعمله) والذي سوف يأتي بعده طائر آخر بعد التخلص من الأول فيما إذا حصل ذلك؟ أم الحل يكون في قطع شجرة التين التي هي السبب أو المصدر في الدفع بطائر البابو إلى التعمد والإصرار في إلحاق الضرر بالعمل المؤسسي؟

والتساؤل نفسه "هل نقطعُ شجرة التين أم نقتلُ طائر البابو؟!" يمكن أن يُقال في ضرورة وحدة الصف والموقف العالمي ضد أمريكيا وبعض المنظمات الدولية الداعمة للأفكار والقيم الخبيثة بدلًا من الانشغال بقطع الأذيال ممثلة في الحركات والتحزبات السياسية والعسكرية والفكرية والقيميّة الشريرة، والتي تنتشر أو تُنشر في مناطق متفرقة من العالم ومنها منطقتنا العربية، ويكون ظهور تلك الأذيال على فترات زمنية متتالية ومحددة ومتفاوتة في تأثيرها.

نعم.. أتوقع أن الفكرة الآن قد أصبحت أكثر وضوحًا لديك يا أخي العزيز. وبذلك يمكنك وضع الحل المناسب للمشكلة التي تعترض طريقك سواء على المستوى الأُسري أو العملي أو التعليمي أو المادي، مع الأخذ في الاعتبار أنه لا يمكنك الوصول إلى الحل النهائي للتخلص من طيور البابو التي تزعجك بين الحين والآخر إلا بعد تحديدك لشجرة التين؛ حتى يتسنى لك قطعها وبالتالي تكون قد قضيت على جميع تلك الطيور.    

نعم.. فما الشيء الآخر الذي يمكن أن يقودنا إليه عنوان هذا المقال غير الذي قيل في السطور السابقة؟

تساؤل جيد.. يمكن أن يقودنا هذا التساؤل إلى البحث عن عبارات أو تساؤلات أو أمثال أو حكم قيلت في الزمن الماضي ثم نحولها إلى ما يفيد بعد أن نسقط عليها مواقف وتجارب من واقعنا الحالي.

والله الموفق.

تعليق عبر الفيس بوك