مسقط- الرؤية
حثت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار جميع القطاعات على ضرورة إعداد سياسات للملكية الفكرية في المؤسسات التي تقوم بالبحث والتطوير، وذلك قبل الشروع في تملك لأي حق من حقوق الملكية الفكرية من خلال هذه البحوث، بهدف ضمان الحقوق لجميع الأطراف وعدم حدوث أي خلافات عند تنظيم العملية البحثية التي قام بها أكثر من طرف وبأدوار مختلفة.
وأكدت الوزارة ممثلة بالمكتب الوطني للملكية الفكرية أن أحد عوامل نجاح إستراتيجية أي مؤسسة تسعى إلى زيادة رصيدها المعرفي من خلال البحوث وحماية مواردها، هو تنظيم العلاقة بين جميع الأطراف سواء كانوا أطراف مقيدين في سجلات المؤسسة كالعاملين أو منتسبين كالطلبة أو سواء قام الموظف بمشروعه خارج المؤسسة بالمجهود الذاتي أو داخلها بتكليف من جهة عمله، وذلك بعمل سياسات تحدد من هو صاحب الحق الحصري ومن له أحقية الانتفاع بهذه الحقوق وما هو المتاح الكلي والجزئي من أدوات هذه المؤسسة، حيث يتطلب البحث والتطوير استخدام الموارد الكلية (مثل المرافق والمعدات)، مشيرة إلى أن للمؤسسة حقوق وواجبات يجب عليها التقيد بها تجاه المبدعين في هذه المؤسسة بداية من إيداع الطلبات كحقوق ملكية فكرية إلى التسويق وتوليد الأصول وتقاسم المخاطر، طالما نشأ هذا الابتكار من هذه المؤسسة أو كانت هذا المؤسسة أحد الشركاء في ملكية الابتكار.
وقالت فاطمة بنت خلفان البلوشية أخصائية فحص براءات اختراع تقنية حيوية بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار: "يرتبط نمو الإنتاجية في المؤسسات من خلال البحث والتطوير مع الطلبات الوطنية المقدمة لدى المكتب الوطني للملكية الفكرية بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، وزيادة عدد الشكاوى التي ترد للمكتب والتي يكون أحد أسبابها عدم وجود سياسات واضحة في المؤسسات البحثية والأكاديمية وبالتالي قلة الإبداع في المؤسسة، الأمر الذي يساهم في تراجع مؤشر الابتكار من الطلبات الوطنية"، مشيرة إلى أن مستقبل الابتكار والنمو الاقتصادي من هذه الابتكارات في تراجع مستمر طالما أن هناك أرضا خصبة تستقطب مثل هذا التراجع وتوسع دائرة انتشاره.
وأوضحت: "يعتبر البحث الذي يولد أفكارا جديدة ذو أهمية قصوى لزيادة النمو الاقتصادي واستدامته، حيث تنشأ الاستثمارات داخل وخارج أي مؤسسة من خلال البحث والتطوير (R & D) باعتبارها المصدر الرئيسي للأفكار الجديدة، والتي بدورها تولد تقنيات جديدة ومحسنة، مضيفة أنه وفقا لهذا المنطق فإن معظم المؤسسات الناجحة في الوقت الحالي تخصص كميات كبيرة من الموارد لدعم الابتكار والمبدعين، وذلك من خلال إنشاء الحاضنات المدعومة وصياغة السياسات وتنظيم علاقة العمل مع جميع الأطراف والإعفاءات من الرسوم المترتبة على تسجيل الابتكارات وتملكها من قبل أصحابها.
وأشارت أخصائية فحص براءات اختراع تقنية حيوية، إلى أنه قد يقع ظلم على مبتكر أو مؤلف أو صاحب مؤسسة يدفعه إلى اللجوء لإنفاد القانون لاسترداد حقوقه المتعلقة بالملكية الفكرية، وأن مثل هذه الممارسات تؤدي إلى عدم تشجيع الابتكار وقلة الإبداعات في المؤسسة، وبالتالي فإن أفضل الممارسات هي أن يكون لدى المؤسسات سياسة للملكية الفكرية منظمة وواضحة وذلك قبل الدخول في أي مشروع بحثي أو تطويري، وأنه متى احتاج أي فرد أو مؤسسة إلى عرض أفكار أو منتجات أو تقنيات على شركاء الأعمال يجب عليهم أن يكونوا على دراية بأي سياسة تنتهجها هذه المؤسسة.
وأكدت فاطمة البلوشية أن سياسة الملكية الفكرية في أي مؤسسة تعتبر بمثابة قانون مؤسسي، وأنه على المؤسسة أن توفر الرقابة والتشريع في بنود واضحة تحد من نشوء أي نزاعات داخل المؤسسة، سواء كان ذلك من جهة الطلاب أو الموظفين، لافتة إلى أن بعض المؤسسات تلزم المبتكر بشراكة في أي مشروع يقوم به وأن يكون لها حصة من هذا الابتكار طالما استخدم الباحث أدوات المؤسسة أو قامت إدارة المؤسسة بتكليفه للقيام بهذا المشروع.
ودعت البلوشية المؤسسات إلى إعادة النظر في سياساتها السابقة إن وجدت وتضمين البنود الجديدة التي تعمل على تشجيع الابتكار والتطوير لديها، ووضع إجراءات بديلة لتسوية أي نزاع قد ينشأ على ملكية الابتكار أو قد يتسبب في إجهاض المشروع بسبب الخلافات قبل أن يرى النور، وأن تكون هذه الآلية المتبعة تتميز بخفض التكاليف على جميع الأطراف ولا تمس بسمعة المؤسسة أو الموظف وتحمي حقوق الجميع.
وأوضحت أخصائية فحص براءات اختراع تقنية حيوية أنه من المبادئ المهمة توجيه الباحثين في المؤسسة نحو فهم أفضل لسياسة الابتكار التي تتطلب التوضيح والفهم الأعمق وما يترتب عليها من تأثير على المدى البعيد، لافتة إلى فهم سياسة المؤسسة والموافقة على بنودها يعد أحد الأسباب التي تقلل من المخاطر المترتبة على عدم الفهم والدراية، كما يؤدي تصميم السياسة الفعالة والواضحة في رفع مستوى الرعاية لمنتسبي الجامعة أو المؤسسة.
وقالت فاطمة البلوشية: "أي بحث يقوم على أسس ذات منفعة مجتمعية وعامة، ومن خلال هذه المصلحة العامة تنشأ مصالح شخصية تنعكس إيجابا على الباحثين في أي مؤسسة بحثية، بحيث تراعى في هذه السياسات التي تضعها المؤسسات الأكاديمية، ومن المهم بأن تكون بنود هذه السياسات عدم الإلزام على المدى البعيد وأن لا تحمله أي تبعات قانونية أو مادية بعد تخرجه وانخراطه في سوق العمل تجاه أي ابتكار كان ملكه".
وأضافت أن حقوق الملكية الفكرية مثل براءات الاختراع تمثل شكلا من أشكال التنظيم الذي يهدف إلى حل مشكلة عدم قدرة أي مؤسسة على استعادة التكلفة العالية للبحث والتطوير، والذي يتم إسناده إلى الطلبة كمشروع بحث أو مشروع تخرج، وبما أن مرتادي الجامعة ليسوا فقط المقيدين في سجلاتها فعادة ما يكون هناك زائرين ومرتادين من غير الموظفين والطلاب يأتون بهدف الاستفادة من مرافق الجامعة كالمختبرات والأدوات المعملية لإجراء التجارب على البحوث، ومن المهم أن يتم تغطية هؤلاء الأفراد أيضا بموجب السياسة التي تضعها المؤسسة وإطلاعهم عليها وذلك من أجل الحفاظ على أمن المعلومات والتأكد من عدم وجود خرق لسياسة هذه المؤسسة بدون قصد أو علم مسبق.
وأكدت أنه يتوجب على أي مؤسسة أكاديمية أو بحثية تسعى إلى دعم المبتكرين فيها أن تؤمن الحماية الكاملة لهم، وأن يتم تسجيل أسمائهم في طلب براءة الاختراع لأن إغفال أي اسم من هؤلاء المخترعين أو تسجيل آخر دون أن يكون له دور يذكر في البراءة، من شأنه أن يكون سببا للطعن في براءة الاختراع أو رفضها بسبب المطالبة بوثيقة التنازل أو وثيقة إثبات ملكية الاختراع.