جيل ريادة الأعمال

 

فايزة بنت سويلم الكلبانية

faizaalkalbani1@gmail.com

 

أكادُ أجزمُ أنه لا يخلو منزل يضم بين جدرانه عددًا من الأطفال، إلّا ونجدهم بمختلف مراحلهم العمرية تستهويهم الألعاب التقنية، ويرتبطون ارتباطًا وثيقًا بالهواتف والأجهزة الإلكترونية، وينتهزون الفرص عندما يجدون هاتفًا أمامهم ليسارعوا لفتحه والتجول فيه واستكشاف تطبيقاته وتفعيلها، والبعض منهم اليوم أصبح متفوقًا على والديه، ومن حولهم، في التعرف على تطبيقات الهواتف وغيرها من الأجهزة المحمولة، والبعض وصل حد الإدمان لغياب الرقابة من الوالدين أو الاستخدامات الخاطئة.. كل هذه الحقائق تؤكد لنا أن ثقافة وتوجهات جيل اليوم تختلف اختلافًا كبيرًا عمّا اعتاد عليه جيل الآباء، ومن هنا لا بُد وأن يصاحب هذا التباين تعزيز لثقافة استخدام التقنية، وتوظيف طبيعة شخصيات الجيل الحالي القائمة على المغامرة والاستقلالية.

وبالرغم من التحديات التي يعاني منها رواد الأعمال المتمثلة في الاستدامة ورأس المال وتراجع الأرباح، وصعوبة الإجراءات من رسوم وتراخيص والقوى العاملة وغيرها، إلا أنه اليوم عدد كبير من أصحاب المنصات والتطبيقات الرقمية والشركات الناشئة نجدهم يمثلون فئة الشباب، والبعض منهم يعمل على تحويل مشاريع التخرج من فكرة إلى منتج ومشروع واقعي يشكل مصدر دخل وعائد مادي لهم، لذا لابد من تكاتف الجهود لدعمهم والارتقاء بالشباب بمختلف القطاعات ولاسيما في ظل ما يمر به قطاع ريادة الأعمال من تحديات نتيجة لتراجع أسعار النفط العالمية، وتليها تأثيرات انتشار جائحة كورونا (كوفيد-19) خلال السنوات الأخيرة وما خلفته من تأثيرات على القطاع.

لا شك أننا نجد اليوم كثير من المؤثرين المتصدرين لوسائل التواصل الاجتماعي من الأطفال والشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 10- 25 سنة، أصبحوا قادرين على قيادة مؤسساتهم عبر التطبيقات الرقمية باعتباره واقعًا ملموسًا؛ سواء يعود السبب لعناية والديهم واهتمامهم بهذا الجانب والبعض يهدف إلى تحقيق عوائد مالية وأرباح. كما نجد اليوم عددًا من الشباب في مقتبل العمر يتصدر قوائم الأكثر ثراءً في فئتهم الشابة، قد استغلوا مهاراتهم والتقنية في أن تكون مصدر دخل ورزق لهم من خلال تأسيس مشاريعهم عبر التطبيقات الالكترونية ليدخلو سوق العمل من أوسع أبوابه فيحققوا ثروة تتيح للمجتمع الحق بالاعتراف بهم كرواد أعمال رغم سنهم الصغير، وأثبت البعض منهم أن هذا الجيل هو جيل ريادة الأعمال فعلًا.

كثيرًا ما نكرر لدى أطفالنا السؤال "ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر؟"، فتتباين ردودهم  بين طيار وطبيب وإعلامي ومعلم أو مهندس، وغيرها من الوظائف والمهن. لذلك فإن كل هذه الرؤى المستقبلية من الأطفال والتطلعات لمستقبل ريادي واعد، تطلب من أولياء الأمور وكافة مكوّنات المجتمع، العمل على تعزيز ثقافة الريادة وترسيخها في عقولهم وتوجيه ما يدور في أذهانهم من ثقافات بشكل أكثر توسعًا، لا سيما وأن عالم الأطفال اليوم أصبح أكثر تمددًا ومرتبطًا بالتقنية والابتكار والتحول الرقمي.