ذاكرة

 

مزنة البلوشية

 

ما الذي صنعتة بك الأيام أيها الحالم؟

اشتعل الرأس شيبًا! وأنحنى الظهر وغارت العينان في مُقلتيها، وبهت الصوت، فأصبحَ جسدك نحيلاً، تراقب المارة كل مساء من مكانك؛ وكأنك في انتظار شيء قادم إليك  ليطفئ دهشة السؤال؟

لم يتمكن أحد من إشباع فضوله، والكشف عن سرك المخبئ في صدرك؛ كل محاولاتهم باءت بالفشل، وبقيت أنتَ شامخًا كالطود مكتومًا وغامضًا.

يستوقفك أحدهم في الطريق، ويسألكَ عن مكان تدله بالإشارة بإصبعك وبضع كلمات تخرج  منك كالهمهمة.

يغيب ذلك الشخص وسط الجموع، ويختفي عن ناظريك، وتبقى مستمرًا، وأنتَ في مكانك تنتظر  في فراغ طيف  الراحلين والمارة في مُخيلتك تحاول استعادة ملامحهم، كلامهم، مشيتهم، وضحكاتهم، وأصوتهم، ولكنك لا تفلح في ذلك. تنفض رأسك محاولاً أن تسيطر على توازنك، فتمضي قدمًا في حال سبيلك. ترتشف قهوتك المعتادة ببطء شديد. لايبقى من الفنجان سوى الحثالة.

ملامح أولئك الأشخاص الذين تصادفهم لاتفارق مخيلتك، تقودك مخيلتك إلى زمن الطفولة حيث كنت طفلًا يحب اللعب والهواء. يركض والدم في عروقه.

فتذهب إلى البحر وتجر قدميك المتعبتين أيها الكهل المنسي في هذه الزاوية من العالم، وجميع الصور مبعثرة في مخيلتك وضبابية، والرأس مثقل من كثرة الأفكار  والأوهام، جرفتها رياح السنين بالزميل الانتظار؛ انتظار شيء ما شبه هجرته، ولكنك لاتزال في انتظاره، ناظرا إلى السحاب المتراكم في السماء، يطيل النظر إلى السحاب. في فكره دوامة بيضاء تحاول أن تلملم شظايا الصور من ذاكرته ولكن محاولاتك باءت بالفشل. تنطلق كالمعتوه ناحية مكانك المعتاد ولكنك تتوه وسط الجموع في الزحام.

تعليق عبر الفيس بوك