كيف نستغل المقومات السياحية في بلادنا؟!

 

عبد الله العليان

تتمتع السلطنة بمقومات سياحية واقتصادية متعددة؛ سواء في مجال التنمية المستدامة، التي تنطلق من استغلال هذه المقومات الكامنة في مجالات عديدة، أو كانت في المجال الاقتصادي الذي تتنوع مجالات الاستثمار في موارده المختلفة، خاصة مسألة تنويع مصادر الدخل، من خلال ما تملكه بلادنا من ثروات طبيعية واعدة في الاستثمار، وما تزخر به بلادنا من مجالات  السياحة المختلفة في العديد من محافظات ومناطق السلطنة؛ سواء الطبيعة الخلابة التي تتمتع بها بلادنا في فصل الصيف بمحافظة ظفار، أو السياحة في مجال الآثار أو التراث العريق في العديد من المدن، لا سيما آثار الحصون والقلاع، والآثار الأخرى التي تم الكشف عنها في العقود الماضية، وما زالت الاكتشافات قائمة ومستمرة.

هذه كلها روافد مهمة نستطيع استغلالها في كل فصول العام، إلى جانب أيضا الشواطئ والهوايات الأخرى التي لها جمهورها في المسابقات والنشاطات في مناطق الصحراء، يرتادها الكثير من الزوار من كل بلاد العالم.

وقد أشار الأستاذ المكرم حاتم الطائي، في مقالته الأحد الماضي بجريدة الرؤية، إلى أهمية التنمية المستدامة ودورها المهم في بناء وتعزيز الحركة الاقتصادية والسياحية واستغلال العطاء الرباني- كما قال- الذي تتمتع به بلادنا في مناحي كثيرة ومتعددة، وتحتاج إلى الاستغلال الأمثل. وهذا كان مدار نقاشات وأوراق طُرحت في المنتدى الخليجي للتنمية المُستدامة الذي نظمته جريدة الرؤية بمشاركة عُمانية وخليجية، وهدفت- كما أشار الأستاذ المكرم- إلى الخروج بـ"توصيات طموحة في إطار الجهود الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة". وأكد الأستاذ المكرم حاتم الطائي- في مقاله- أهمية أن يحظى القطاع السياحي العُماني بـ"فرص نمو واعدة، خاصة في ظل الإجراءات والتسهيلات الكبيرة التي تُقدمها الجهات المختصة بين الحين والآخر، وسهولة الحصول على تأشيرة سياحة واستقرار أسعار الفنادق نسبيًا، علاوة على جودة الطرق المؤدية إلى مواقع الجذب السياحي". ولا شك أن هذه المتطلبات من الأولويات في تحقيق تنمية صحيحة مخططة، تسهم فيما وضعته الإستراتيجية الطموحة من خلال الرؤية المستقبلية لعمان 2040، وهذا المنطلق المهم الذي تسعى إليه الرؤية العمانية للتنمية المستدامة.

وأكد الطائي في هذا المقال أن: "المقومات التي نأمل الاستفادة منها وتطويرها يعلمها القاصي والداني، فاعتدال درجات الحرارة خلال موسم ’خريف ظفار‘ في حدود 23 درجة مئوية يمكن أن يُمثل نقطة جذب سياحي لا مثيل لها في منطقة تسجل فيها درجات الحرارة ما يزيد عن 50 درجة مئوية في معظم شهور الصيف. والرذاذ المستمر والمطر الذي لا يتوقف خلال خريف ظفار، يُنعش الروح قبل الجسد، ويتلاقى ذلك مع ابتسامة على مُحيا أهل ظفار الأطياب، المُرحبين بضيوفهم على طريقتهم الخاصة، من مأكولات شهية وأطعمة غنية بروح الطبيعة البكر".

إن الحاجة تتطلب أن تتحرك جهات الاختصاص في أن تضع الخطط التي لا غنى عنها، لاستغلال هذا المناخ والطبيعة الخلابة، لمشروعات جاذبة لتكون عُمان البلد السياحي الأول في المنطقة في فصل الصيف، مع وضع خطط أخرى لمشروعات سياحية في محافظات ومناطق السلطنة لسياحة دائمة في كل الفصول، سواء السياحة في مجال الرياضة، أو الآثار، أو التراث، أو غيرها من المقومات التي تزخر بها بلادنا وهذه
لا شك أنها ستكون ضمن الرؤية المستقبلية العمانية.

وقد كتبت قبل أعوام في مقالات سابقة عن أهمية وضع هذه الرؤى موضع الاهتمام والتنفيذ، ولو تدريجيًا، وأن لا نكتفي فقط ببعض مظاهر الترويج البسيط بالمناشط الفنية والحفلات هنا وهناك. وهذه مع أهميتها الترفيهية، لا تعزز فاعلية طموحة، ولا تحقق قفزات لصناعة سياحة مستدامة، ومما قلنه: أنه لا تكفي الطبيعة الخلابة، والمناخ الرائع، ولا الأمان الذي تتمتع به بلادنا، والحديث عنها يذكره الآخرون وليس نحن، فالمواقع كالعيون والشلالات وغيرها من الأماكن التي يحرص الزوار والسياح على ارتيادها سنويًا، من المهم أن تُقام فيها ما يجعلها مكانًا للاستراحة الطويلة للاستمتاع بالطبيعة الجميلة. وفي كل عام يتحدث  الكثير من الزوار من السلطنة ومن خارجها، عن أهمية استغلال هذه الأماكن للجذب السياحي، من حيث وسائل الترفيه كإقامة  الاستراحات  والمطاعم وأماكن وقوف السيارات، ودورات المياه. وهذه  الأخيرة  أيضًا من الشكاوى المتكررة، نظرًا لقلة عددها وعدم نظافتها، والسياحة معروف عنها أنها وسيلة للجذب والترويج وغيرها من الوسائل الدافعة والمحركة لجعل الأنظار تتجه للاماكن الأكثر قبولًا للزيارة.

هذه الملاحظات تحتاج إلى وضعها موضع التنفيذ، دون تأجيل، مع أنني تطرقت إليها منذ سنوات وما زال الحديث عنها قائمًا. وقد أشرنا مرارًا إلى أهمية الحاجة إلى إقامة مرتكزات لصناعة سياحية وفق تخطيط سليم يسهم في الاقتصاد الوطني، وجعل بلادنا على الخريطة السياحية العالمية، في كل المواسم، وبعض الدول على الرغم أنها لا تملك ما تتمتع به السلطنة من مقومات طبيعية، وتراثية، وأثرية الخ. إلا أنها صنعت سياحة من خلال مشروعات صناعية وبيئية، والسبب الأهم هو توفر الخدمات الأساسية للاماكن السياحية.

الواقع أن السلطنة الآن تحتاج إلى مشاريع كبيرة ومستدامة، وليست آنية ووقتية في مجال التنمية السياحية، كما تحتاج إلى خطط تلبي احتياجات هذا القطاع وكل القطاعات الحيوية وهذا ما نريده، من جهات الاختصاص، وأن تسعى الحكومة إلى تقديم ما يدعم هذه الخطط ويساعد هذه الجهات على تحقيق برامجها في التنمية السياحية  المستدامة من خلال هذه المشاريع.