بين التغيير المناخي وسخط الله

 

 

‏راشد بن حميد الراشدي **

 

ما يحدث اليوم حولنا والذي يعزوه الجميع للطبيعة ومجريات الحياة من تغير المناخ بسبب عوامل كثيرة تسبب الإنسان في حدوثها، هو أمر طبيعي لأمم لا تفقه أن للكون خالقٌ وأن دقائق ذراته بيد الله المالك القهار.

إنني أتحدث اليوم ونحن نرى عشرات الصور والأنباء التي تصل إلينا عن تبخر أنهار أوروبا ودرجات الحرارة المرتفعة جدًا في كثير من القارات، خاصة أمريكا وأوروبا وانصهار الجليد وجفاف أنهار دول تمتعت بالخصوبة وتوافر الموارد المائية لقرون.

إن التعامل والمنهاج الذي سلكته تلك الدول مع نفسها والعالم أجمع هو سر تلك الظواهر والأحداث غير العادية والمقلقة، فقد تجرأت تلك الدول على خالقها، بكفرها وعصيانها وقوانينها التي فتتت الأسرة وقتلت كل فطرة سوية للإنسان خلقها الله ليسير العبد في ميراث الأرض كما أمره الله، فوضعت قوانين وتشريعات تأبى حتى الحيوانات السير على نهجها. وكذلك اصطنعت القلاقل والحروب من أجل نهب ثروات الدول وسفكت الدماء التي لا زالت تسيل إلى اليوم في تحد صارخ لله بالقوة والجبروت على بني جلدتهم.

قال تعالى: "أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا" (الفرقان: 44).

هكذا وصل بهم الحال جهارًا نهارًا في نشر الرذيلة بين شعوبهم من الزنا إلى المثلية العمياء الساقطة الى إسقاط دور الأب والأم، فكان سخط الله كبيرا وإنذاره عظيمًا، فانتشرت بينهم الأمراض الخبيثة وأمراض القلوب التي أدت للانتحار بأعداد كبيرة، وتفتت الأسرة وقلّ عدد المواليد والنسل وغيرها من رسل ربك لتلك الفئة الضالة عن طريق الحق، وهي ما زالت على عنادها وتحديها لبارئها.. فهل من لبيب عاقل يعترف بالله وما فضله على الإنسان من نِعم وخيرات وأمره به من فضائل يعيش في كنفها تسعده في دنياه وأخراه؟!

إن ما يحدث اليوم من تغير في الكون هو بسبب ما أوجده الإنسان لنفسه فقد بلغ منتهاه من بطر النعمة وهو يحسب نفسه أنه حكم الأرض واستطاع الحصول على كل شيء فيها بعلمه والذي هو قطرة فقط من بحار علم ربك.

قال تعالى: "حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (يونس: 24).

إن ما ينشره ضعاف النفوس والايمان من فكر بأن ما يحدث هو تغير في المناخ والطبيعة هو أمر مرفوض؛ حيث تناسى الناس رعاية الله وتدبيره للكون أجمعه والأخذ بالأسباب التي تنجيهم من الهلاك المحتوم إن استمر الإنسان في سلوكه المشين وتحديه لخالقه في معصيته وبث سمومه الخبيثة وأفكاره الهدامة في بني جنسه فالله حسيب رقيب وسخطه لا يتحمله مخلوق. فبين تغير المناخ وظواهره وبين سخط الله عقوبات لا يتحملها الإنسان وستؤدي به إلى الخسران المبين في الدنيا والآخرة.

اليوم أدعو كل غيور على نفسه أن تقع في معاصي الله إلى الاستماع لصوت الحق وعدم الانسياق إلى تلك الفئات الضالة والتي تريد العالم أن يحذوا حذوها متناسية قدرة الله عليها بأن يعود إلى رشده وينكر ويمقت كل تلك الأفعال الشاذة الخبيثة ويتمسك بتعاليم دينه الكريم للنجاة من سخط الله في الدنيا والآخرة ويشجع أهله على ذلك ولن يبقى سوى صوت الحق وسينقطع وينطمس صوت الضلالة بإذن الله.

قال تعالى: "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" (آل عمران: 85).

هذا هو الحل للبشرية جمعاء وسر سعادتهم وسر خلقهم وبعثهم وكفانا مكرًا وخداعًا لأنفسنا فقد بلغ السيل الزبى من مدنية مصطنعة أردت الإنسان إلى مهاوِ الردى ومواضع البهائم والانحلال الأخلاقي التام؛ بل أضل سبيلًا.

حفظكم الله ورعاكم وحفظ أوطاننا من شرورهم ومن سخط الله علينا وأعاد الله للبشرية رشدها والله غالب على أمره.

** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية