حلمتُ البارحة!

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

رأيت في المنام أني أخطو فوق ممشى مُعلق بين الجلالي والميراني، وكم كنت أتمنى أن يشاركني الجميع ذلك المنظر الذي أعجز عن وصفه، فهو ممشى عريض ذو اتجاه واحد ترى من خلاله مسقط، وكأنك لم ترها من قبل.

عظمة البناء والجبال والبحر والسماء الصافية التي هي حلم لكل إنسان وخاصةً السياح من خارج الوطن العربي، فقد صُمم الممشى بطريقة رائعة تتخله لوحات تحاكي تاريخ عُمان؛ بل إن بعض أجزائه  خصصت لأفضل ما تفتخر به دول العالم. المكان مزدحم بالعُمانيين والسياح الذين أتوا من كل دول العالم.. في حُلمي كنت للتو خرجت من قلعة الجلالي وأدخلني المسار ذو الاتجاه الواحد إلى الميراني، ومع دخولي إلى أول قاعة في القلعة، كدتُ أقع على الأرض من دهشة ما رأيت، فهي تُحفٌ لا تقدر بثمن، رُتبت بطريقة راقية تحاكي أشهر متحف في العالم، ولا يمكن لمسها، وقد كُتب على جانبها باللغة العربية والإنجليزية. كانت المقتنيات كلها خناجر وسيوف وأسلحة أخرى، غير أنها لم تكن خناجر اعتيادية؛ الأول كان الخنجر الذي كان يضعه المغفور له بإذن لله تعالى السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- في افتتاح أول قمة لمجلس التَّعاون الخليجي، والثاني يوم استقبل ملكة بريطانيا، وآخر يوم التقى الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود- طيب الله ثراه-. أما جميع الخناجر الأخرى فهي لمقام جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- أبقاه الله- منها واحد يوم التقى مشايخ عُمان، وآخر يوم اعتلاء العرش.

خنجر آخر في تلك القاعة يعود للسيد طارق بن تيمور، وهو نفسه الخنجر الذي ارتداه عندما كانت لحظة لم الشمل في داخلية عمان، وأخرى للسلطان سعيد وسلاطين وأئمة آخرين- طيب الله ثراهم أجمعين.

أما في جزء آخر من القاعة، فقد كانت حسوة الإمام سيف بن سلطان (قيد الأرض)- طيب الله ثراه- وهي التي ارتداها في مواقف تاريخية، وخناجر وسيوف أخرى لا تقل أهمية رُتبت بطريقة جعلت لتلك القلعة المهيبة قيمة وسببًا للزيارة.

ولكي لا يطول شرح الحلم، فإني لم أرَ ما كانت عليه قلعة الجلالي، غير أنه في قاعات أخرى من الميراني رأيتُ محاكاة لأدوات القتال وتاريخ عمان العسكري، ومنها البندقية التي رمى بها السلطان قابوس- طيب الله ثراه- ووُضعت الصورة الحقيقية المشهورة وهو ممسك بها في الفناء الأرضي، كما رأيت مدافع. وذكر على جدران القاعة المواقف التي استخدمت فيها، والأجمل أني رأيت سيارات حقيقية من مختلف الأنواع لشخصيات عمانية وعالمية.

أما الأكثر غرابة هو أني قرأت في هذا الجانب النظرة العالمية في تقديم عمان؛ حيث يتم عرض مقتنيات عالمية منها الفرعونية والبابلية، والأجمل أنه في كل مكان رجال ونساء عمانيات يتحركون بخفة وثقة واحترام ومعرفة بملابس مميزة، يبدو أنه جرى انتقاؤهم بعناية فائقة، وكذلك تدريبهم ليصلوا إلى العالمية الحقيقية في التعامل والتوضيح وحتى السيطرة، ليبقى للرقي العالمي مكان.

خرجتُ من القلعة وكان الأمر غريبًا جدًا وأنه يبدو أن مسقط وما بها تم محاكاته مع عواصم عالمية مثل: روما ولندن وموسكو، في ربط أماكن السياحة؛ حيث لم أمشِ كثيرًا حتى ركبت أول حافلة يقودها سائق في كمال الرقي والاحترام، يستقبلك ببسمة لا تنساها، أخذتني إلى فناء قصر العلم، ولم استغرب جموع البشر الذين كانوا ينتظرون موكبًا رسميًا. لقد كان المكان مدهشًا؛ فالخيول وطوابير الجنود بملابس مدهشة الجمال وجنود يسقطون من السماء بمظلات، مع عزف أنواع متنوعة من الموسيقى الراجلة وفوق الخيول والجمال.

وبالحافلة أيضًا اتجهت إلى سوق مطرح، وكانت المفاجأة الأكبر أنه اختفى نظام الخداع في الأسعار؛ حيث أصبحت مسعّرة ومراقبة بصرامة كبيرة، وسمعت أن أكثر من محل أغلق لنفس السبب.

أما المفاجأة الأخرى، فإن مناداة الوافد لك في سوق مطرح؛ لتختار مطعمه المتواضع انتهت بلا رجعة؛ حيث بُنيت شرفة عملاقة مُلاصقة للبحر بها كل مطاعم الدنيا، وقهواته ومشروباته، مع جلسات خيالية تسحر الأبصار قبل تذوق الطعام. وسمعت- في منامي- أنهم شيدوا طريقًا من جهة الباطنة إلى الجبل الأخضر، سهل الاستخدام، وسمعت كذلك أنهم أقاموا مدينة عملاقة جدًا ليس مثلها في الأرض قاطبة، سُميت بـ"مدينة أغنياء الأغنياء"، تمامًا كما في الأساطير، ويقال إنه بفوائد بيعها على الأغنياء من العالم سددوا كل ديون عُمان! كما أنهم وسّعوا مدرج المطار للشرق.

أما ما سمعته عن تطوير محافظة ظفار والمحافظات الأخرى، فإني لن أذكره عابرًا؛ حيث إني سأخصص له مقالًا آخر.

وأخيرًا.. إن ما فهمت من سبب التغير الجذري للأمر أن السلطات الأعلى أيقنت وبكل وضوح أن الطريقة القديمة لا يمكن أن تحقق حلم الوطن في هذا الجانب؛ لأن الأمر به تداخل جهات ووزارات ومؤسسات متفرقة؛ لذلك أُعطي الملف إلى جهة أعلى تولت تقديمه بصورة تستحقها واجهة عُمان العظيمة.