اتحاد غرف التجارة الخليجية

 

 

خليل الخنجي

اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، هو تجمُّع بين الغرف العربية المُطلة على ضفاف الخليج العربي، ويعتبر هذا الاتحاد الذي تمَّ تأسيسه في العام 1979 من أهم الأطر المؤسسية الراعية للقطاع الخاص الخليجي؛ حيث عمل منذ تأسيسه على تمثيل المصالح الاقتصادية الخليجية؛ ومن ضمنها جمهورية العراق، التي كانت من بين المؤسسين حتى خروجها على إثر الغزو العراقي للكويت، مما ترتب عليه إعادة تسميته في العام 1990 ليصبح اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي؛ حيث اضطرت دول المجلس إلى تعليق عضوية العراق من عدة مؤسسات اتحادية؛ ومنها: اتحاد الغرف الخليجية ودورة كأس الخليج لكرة القدم، وبقية الاتحادات والمؤسسات المشتركة.

تعود فكرة تأسيس هذا الاتحاد إلى مبادرة القطاع الخاص الخليجي بأهمية إنشاء كيان مالي واقتصادي خليجي مشترك، ينطلق من المملكة العربية السعودية وبالتحديد من الدمام بالمنطقة الشرقية التي تعتبر شريانا خليجيا يربط دول الخليج والبلدان العربية.

لذلك؛ بدأت اجتماعات تمهيدية بالانعقاد منذ العام 1976، وحضر تلك الاجتماعات اتحادات وغرف كل من دولة الكويت والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر ومملكة البحرين وسلطنة عمان وجمهورية العراق. وتم الاتفاق في شهر أكتوبر من عام 1979 على إنشاء اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة لدول الخليج العربية، وكان الوجيه سيف الغرير رئيس غرفة تجارة وصناعة دبي هو أول من ترأس الاتحاد، وخلفه سعادة الوجيه المرحوم محمد يوسف جلال رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين حين ذاك.

أمَّا الرئيس الحالي، فهو سعادة عجلان العجلان رئيس اتحاد الغرف السعودي للفترة من فبراير 2022؛ علمًا بأن دولة الإمارات العربية المتحدة ترأست الاتحاد ثلاث مرات ممثلة في سعادة المهندس صلاح الشامسي رئيس غرفة أبوظبي رئيس اتحاد غرف الإمارات بين عامي 2006-2008، وسعادة محمد بن ثاني الرميثي رئيس اتحاد غرف الإمارات العربية المتحدة؛ فقد ترأس الاتحاد للفترة من 2018-2020، إضافة لترؤسه أول دورة للاتحاد. أما الكويت، فقد ترأس سعادة الوجيه علي مرزوق الغانم رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت مرتيْن عام 2004، والعام 2016. أما معالي الشيخ حمد بن جاسم بن محمد آل ثاني رئيس غرفة قطر، فقد ترأس الاتحاد في عام 2002 في حين ترأس معالي الشيخ خليفة بن جاسم بن محمد آل ثاني الاتحاد في العام 2014، أما المملكة العربية السعودية التي تترأس الاتحاد في الفترة الحالية فقد ترأست الاتحاد قبل هذه الدورة مرتين؛ حيث ترأس سعادة الوجيه المرحوم الشيخ إسماعيل أبو داود في العام 1998، والوجيه المرحوم الشيخ صالح عبدالله كامل في العام 2010. أما غرفة البحرين، فقد ترأست الاتحاد أربع مرات؛ حيث ترأس سعادة الوجيه المرحوم علي بن يوسف فخرو في 1996، وسعادة الدكتور عصام عبدالله فخرو في عام 2008، وسعادة سمير عبدالله ناس من عام 2020 وحتى 2022، وترأست سلطنة عمان الاتحاد ثلاث مرات؛ حيث ترأس معالي مقبول بن علي سلطان في العام 1988، ومعالي الشيخ المرحوم سالم بن هلال الخليلي في عام 2000، وخليل بن عبدالله بن محمد الخنجي من العام 2012 إلى العام 2014، ويذكر أنَّ دورة الاتحاد مدتها سنتان تتناوبها الغرف الأعضاء حسب الحروف الأبجدية، أما العراق فقد شارك الاتحاد منذ بداية الدورات الأولى من قبل سعادة الوجيه المرحوم عبداللطيف عبدالقادر رئيس اتحاد الغرف العراقية، والمرحوم حاتم عبدالرشيد رئيس اتحاد الصناعات العراقية؛ حيث إن عضوية العراق كانت ممثلة من قبل الاتحادين معاً، ويذكر أيضًا أن الاتحاد تمت إدارته من قبل قيادات إدارية أربعة ممثلةُ في أربعة أمناء عموم؛ هم: العراقي سعادة المرحوم كاظم المهيدي حتى 1982، وخلفه الأستاذ محمد عبدالله الملا من المملكة العربية السعودية حتى العام 2007، ومن بعده الأستاذ عبدالرحيم نقي الأمين العام السابق حتى 2019. أما في الوقت الحالي، فيتولى منصب الأمين العام للاتحاد سعادة الدكتور سعود المشاري من المملكة العربية السعودية.

عمل الاتحاد منذ تأسيسه في العام 1979م على تمثيل المصالح الاقتصادية لمؤسسات وأفراد القطاع الخاص؛ بهدف تنمية وتطوير دوره الاقتصادي من خلال تقديم مختلف أنواع الخدمات وتمثيل مصالحه سواء بين حكومات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أو من خلال اتحادي الغرف العربية والإسلامية وبقية غرف العالم، وسعى الاتحاد في معالجة ما يعترضه من مشاكل وصعوبات وكل ما يعيق التشارك الخليجي بناء على تفاوت تطبيق قرارات المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون، كما حصل الاتحاد في اجتماع 9 مايو 2009 لقادة دول مجلس التعاون على قرار تاريخي نصه "تعرض القرارات ذات الشأن الاقتصادي على الاتحاد بصفته ممثلا للقطاع الخاص الخليجي".

وقام الاتحاد مباشرةً بعد الإعلان عن قيام السوق الخليجية المشتركة بتفعيل دوره في تمثيل القطاع الخاص بتعزيز دوره في صياغة السياسات والتوجهات الاقتصادية ذات الصلة بمتطلبات أصحاب وصاحبات الأعمال، في ضوء المستجدات الاقتصادية العالمية، والقيام بدوره على أكمل وجه بمد جسور التواصل مع المؤسسات الرسمية الحكومية والغرف التجارية الأعضاء، وِفق أُطُر مؤسسية ثابتة وواضحة. ولا شك أنَّ جهود الاتحاد خلال هذه الفترة والفترات المقبلة يجب أن تنصب على تفعيل دوره في تيسير تنقل رؤوس الأموال والتجارة البينية بين دول المجلس وتفعيل المواطنة الاقتصادية الخليجية وتعظيم ودعم الشراكات والمشروعات وتكامل رؤوس الأموال المشتركة؛ باعتبارها تمثل حقيقة العمل الاقتصادي الخليجي المشترك.

واستطاع الاتحاد منذ إنشائه، وعبر العقود الأربعة الماضية، أن يطوِّر فعالياته ونشاطاته الخدمية الموجهة للقطاع الخاص؛ حيث أسهم بفاعلية وإيجابية في دعم ورفد أداء وتمكين هذا القطاع في الوصول إلى مستوى متقدم ومتطور من النشاط والمساهمة الفعلية في دعم أداء الاقتصاد الوطني؛ وذلك من خلال الترويج للمقومات والتسهيلات التي تقدمها كل دوله من بنية أساسية كالمطارات والموانئ والطرق والمناطق الصناعية والخدمات المتعلقة بسهولة الاستثمار وبساطة الإجراءات والتسهيلات المقدمة من ضرائب وإعفاءات جمركية وتخفيضات في الرسوم إلى آخره من خدمات تشجع المستثمرين على الاستثمار في الداخل بجانب الاستثمارات الخارجية.

تفاوت أداء الاتحاد منذ إنشائه في تمثيل دول مجلس التعاون في الخارج بسبب تذبذب العلاقات السياسية بين الدول الأعضاء والدول الشقيقة والصديقة، ولكن نأمل أن يكتب لهذا الاتحاد الاستمرارية؛ في ظل وجود تجمعات اقتصادية كبيرة تهيمن على المنطقة والعالم مما يحتم على أصحاب القرار في الحكومات المعنية بالملفات الاقتصادية وقيادات القطاع الخاص مساندة هذا الاتحاد لمزيد من التعاون بين الدول الأعضاء، بل والتفكير جديًا في توسعة العضوية؛ بحيث يشمل الدول الشقيقة؛ مثل: العراق واليمن والأردن كدول مكملة لأهداف الاتحاد، علماً بأنَّ اتحاد غرف مجلس التعاون الخليجي يشارف على إكمال عامه الخامس والأربعين؛ حيث تتطلع غرفة تجارة وصناعة عمان -وهي تكمل عامها الخمسين في العام 2023- لترؤس اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي في العام 2024 للمرة الرابعة.