آفاق الإستراتيجية العمرانية

 

 

 حمود بن علي الطوقي

‏سأتحدث في مقالي اليوم عن الإستراتيجية العمرانية التي أطلقتها وزارة الإسكان والتخطيط العمراني، ولمعرفة المزيد حول هذه الإستراتيجية كان لابد لي أن أزور مكتب الإستراتيجية العمرانية، للوقوف عن قُرب على هذه الإستراتيجية، فكان اللقاء بالأخ العزيز الدكتور إبراهيم الوائلي مدير مكتب الإستراتيجية العمرانية، وكما هو معلوم أنَّ الإستراتيجية العمرانية مشروع وطني تمَّ اعتماده بمباركة سامية من لدن مولانا حضرة صاحب الجلالة، وتندرج ضمن أولويات رؤية "عمان 2040"، كونها الممكِّن الرئيسي، وأن الإستراتيجية وُجدت لتخدم الإنسان العماني، وتستجيب لمتطلباته، وتستثمر مكنونات ومقومات هذا الوطن العزيز في قالب عمراني يُراعي الجوانب البيئية والاقتصادية والاجتماعية.

وقد أحسنت وزارة الإسكان والتخطيط العمراني صنعا بإنشاء مكتب خاص لمتابعة أعمال الإستراتيجية، كما تم تصميم شعار خاص لهذه الإستراتيجية، ويعمل في المكتب مجموعة من الموظفين من أصحاب الخبرة والدراية.

ويقع مكتب الإستراتيجبة العمرانية في الطابق الرابع، وأذكر أنني منذ فترة زرت الوزارة، ولكنَّ الزيارة الحالية كانت مختلفة؛ فقد تفاجأت بالتغيير، وانتهاج وتوجُّه الوزارة لتطبيق سياسة الأبواب المفتوحة؛ حيث تمَّ إزالة الحواجز الأسمنتية، وفتح المكاتب على بعضها البعض، ودمج المديريات؛ لتكون تحت سقف واحد؛ حيث يجلس الموظف ورئيس القسم ومدير الدائرة في مكاتب متقاربة خلاف عن الفكر السابق بوجود مكاتب مغلقة؛ حيث يتوزع المديرون ورؤساء الأقسام على مكاتب فخمة ومغلقة، وكل مدير لديه مكتب للسكرتارية.

التغيير الجديد في وزارة الإسكان والتخطيط العمراني بدأ بدمج المكاتب وإزالة الحواجز الإسمنتية، واستبدالها بحواجز زجاجية؛ حيث عندما تتجوَّل في أروقة الوزارة تشاهد الموظفين وقد انتظموا منذ الصباح الباكر في مكاتبهم المتلاصقة.

سألت الدكتور إبراهيم الوائلي حول مدى تقبُّل الموظفين لهذا التوجه، خاصة وأنَّ الوضع السابق كان يجلس فيه المديرون في مكاتب فخمة مغلقة، فقال: هنا بداية التغيير، والتقبل من قبل الموظفين لم يكن سهلا، بل تطلَّب إقناعهم وشرح أبعاده لهم، حول أهمية التكيف مع الوضع الجديد؛ حيث سيكون الأداء والإنتاجية أفضل.

أثناء الحديث عن الإستراتيجية، لمحت معالي الدكتور وزير الإسكان يتجوَّل في المكاتب، ويجلس مع الموظفين، ويتابع معهم الأعمال، فأصبح الوزير يتابع العمل ويستفسر عن مسار الأعمال الموكلة إليهم؛ فتطلعات المجتمع كما يقول مدير مكتب الإستراتيجية العمرانية تضع على عاتق الوزارة مسؤولية كبيرة في سبيل تحقيقها؛ باعتبارها القاعدة المكانية لصنع التوازن بين عناصر التنمية المستدامة في شتى جوانبها: الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وتتمحور أدوار الإستراتيجية العمرانية في تخطيط المدن وتصميمها للتعامل مع متطلبات الحياة العصرية بعيدًا عن مخاطر التغيرات المناخية.

الإستراتيجة العمرانية ستُسهم بلا شك في تأسيس إطار عام لتقييم الاستدامة على مستوى الإستراتيجيات والخطط، والمشاريع؛ مثل تطوير نظام لتصنيف الاستدامة لضمان متانة وصمود واستدامة البنية الأساسية، وكذلك تطوير الكود العماني للمباني وتحديد اللوائح والمواصفات التي تضمن متانة المبنى وقدرته على الصمود أمام التغيرات المناخية المختلفة. كما ستعمل الإستراتيجة العمرانية الجديدة على إيجاد قاعدة بيانات متكاملة محدثة ودقيقة تُمكِّن القائمين على التخطيط العمراني من اتخاذ القرارات المناسبة في حالة طرح أي مشروع جديد يراعي الجوانب البيئية والمناخية لكل مخطط عمراني كتحديث خرائط مخاطر الفيضانات مثلا.

وأثناء الحديث عن الإستراتبجية العمرانية مع مدير المكتب، أوضح أنَّ الوزارة ستبدأ في عمل مخططات التحول الحضري للمدن الذكية، وتحديد مواقعها لمواكبة تطلعات المستقبل؛ منها أربع مدن حديثة ستنقل هذه المدن إلى حياة المدن الذكية، وستكون مدنا مختلفة عما كانت عليه سابقا، وستركز الإستراتيجية عن المدن الأربعة الكبرى: مسقط الكبرى، نزوى الكبرى، صحار الكبرى وصلالة الكبرى.

وسنتحدث في المقال القادم حول ماهية هذه المدن وأهميتها ودورها في رغد العيش، كما سنتحدَّث أيضا عن دور الإستراتيجية في النمو الاقتصادي والجانب الاستثماري.