ست بنات

 

 

منى بنت حمد البلوشية

من المؤلم أن تتناقل وسائل التواصل الاجتماعي ما يحدث في غزة من أحداث واستشهاد لأطفال لا ذنب لهم، كم يرق  القلب والفؤاد لهم، أطفال يلعبون ويمرحون ولا يعلمون كيف هي الحياة ستجرهم عنوة منهم لمكان يسبقون به الكبار، في لحظة بلا سابق إنذار.

أب يحمل طفله بين يديه باكيا بحرقة لصغير لم يهنأ بحياته بعد، ولم يمرح كباقي الأطفال، وأطفال آخرون تحتضنهم الأيادي رفقا بهم من غدر الزمان ومن غدر بهم، وطفل آخر ليس لأبويه غيره، أنجباه بعد طول انتظار، رحل تاركا أثرا وجرحا لا يندمل.

أيُّ مشاعر هذه التي ستبعث بها الأرواح، وأي كلمة ستكتبها الأقلام وتتفوه بها الشفاه؟! أقلام تكتب وأبجديات تتزين بها الأوراق وقلب يرق لما يحدث تحت قصف الاحتلال الصهيوني.

رحماك بهم يا الله وبأقدارهم التي لا حول لهم بها ولا قوة، فاللهم افتح لهم ما انغلق، فكيف لنا بالسؤال عن حالهم ولا نعلم ما بداخل قلوبهم، وكل ما يرجونه النصر والحرية كباقي الدول، هذا ما يتمنونه ونتمناه، فمنذ أن فتحنا أعيننا ونحن على قصف وقصف وجرح ودماء واستشهاد.

ست بنات أصبحن يتامى الأبوين ، بعد أن استشهدا في القصف على غزة ، يصرخن من غدر الزمان وما تكبله عليهن من ثقل، أصبحت غير قادرة على بكاء قلبي وغيري الكثير من لم يستطع أن يتمالك نفسه، والأحداث من حولنا تزداد هكذا.. مؤلم بحق أن يكبر الأطفال قبل موعدهم ويتحملون عبئا ثقيلا على كاهلهم.

ست بنات واليُتم مرّ بلا أبوين يرحلون بين غمضة عين، هل تشعرون بما يشعر به اليتيم برحيل من هم كانوا له سندا وعونا يتكئون عليه، وحين ينتظرون عودة الأب من الخارج بكيس تملؤه الحلوى ويأتون راكضين إليه بعد طول انتظار، وتلك الأم التي تجهز إفطار يومهم ويستيقظون على صوتها: "أحبتي انهضوا، فالشمس أشرقت".

مؤلم رحيل الأبوين، ومؤلم أن يصبح ست بنات يتامى، فالله هو السند والعون، لكن يا من أبكيتنّ العيون والدمع يجري والقلب يبكي بكاء بلا دموع.

ليس بالأمر السهل أن يفتحن أعينهن فجأة بلا أب ولا أم، ويا وجع القلب عليهن، في حين يبكي باقي الأطفال للعبة يطلبونها أو نزهة للخروج وهم برفقة والديهم، الوجع في قلوبهنّ عميق ولن يلتئم ما دام في أرضهم عدوان وقصف، فكل قصف خلفه يتم وترمل وثكالى.

ست بنات، الله معهنّ وألطف بهنّ وفي ضمان حفظه وأمانه، فأنت السند والمتكأ لهن من نوائب الدهر وغيرهن ممن سيلحقون بهن من يتم وفقد.

فاللهم إنا نستودعك بيت المقدس وأهل فلسطين، فكن لهم عونا فلا نملك لهم سوى الدعاء.

تعليق عبر الفيس بوك