لغة البناء بين المُحافِظ والإعلاميين

 

 

مسعود الحمداني

Samawat2004@live.com

ليس من السهل أن تكون متفائلا في جو من المحبطات، وليس من السهل أن ترسل رسائل إيجابية في جوٍّ عام من السلبية، غير أن هناك من يستطيع أن يوصلك إلى برّ من الأمان النفسي أحيانا حين تكون لغته بسيطة، وعميقة، ومنتقاة، لذا فإنَّ عملية الإقناع في حد ذاتها فنٌّ له دراساته، ومدرسِّوه؛ فإشاعة طاقةٍ إيجابيةٍ فيمن حولك تأتي حين تكون مقنعا، ومقتنعا بما تقوله وتفعله، وقادرا على توصيل وتوصيف ما تريده، وما تحتاج أن تبعثه لمن حولك.

لعلَّ هذه المقدمة البسيطة هي انطباع شخصي لمحور اجتماعٍ عقده سعادة الشيخ محافظ شمال الباطنة، الأسبوع الماضي، مع عدد من الإعلاميين، والصحفيين، والمؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي بالمحافظة؛ لمعرفة آرائهم ومقترحاتهم ورؤيتهم حول الخطة الإعلامية لمحافظة شمال الباطنة خلال المرحلة المقبلة، و"إبراز ملامح العمل الإعلامي في المحافظة وإشراك المهتمين في رسم ملامح لهوية المحافظة الإعلامية"، كما جاء في "بروشور" الفعالية، وفي كل ما دار في هذا اللقاء كان هناك صوتان متقابلان: الأول صوت متفائل بالغد، وراغب في بث هذه الطاقة الإيجابية في نفوس الإعلاميين، وهو الصوت الذي يمثله "سعادة المحافظ وفريق العمل القائم على تنفيذ الرؤية الإعلامية"، وصوت متحفز، ومتوثّب لعطاءٍ أفضل بإمكانيات أكثر فاعلية، ومساحة أكثر حيوية، ويمثله صوت "الإعلاميين الشباب"، وبينهما صوت ثالث عرف محاور الإعلام وخبر دهاليزه وواقعه، وحدود خطوطه الخضراء والحمراء، ويمثله فريق "الخبرة الإعلامية الواقعية".

والحقيقة التي يُمكن الخروج بها من هذا اللقاء هي أنَّ كل الأصوات تنظر إلى الأمر الإعلامي من زاوية وطنية واحدة، تختلف في سبيل تحقيقها، وتأتلف في نتيجتها، وهي أن السلطنة بشكل عام -ومحافظة شمال الباطنة بشكل خاص- مقبلة على تحول جذري شامل، وهي بحاجة إلى تعاضد كل الطاقات، وتحويلها لخدمة الهدف البعيد لـ"رؤية عمان 2040"، لذلك يجب الاستفادة من كل المعطيات المتاحة، وتسخيرها لهذا الهدف النبيل، وتذليل كافة التحديات، وتحويلها إلى عناصر نجاح، واستثمار الطاقات الشبابية والموارد البشرية والثقافية والتراثية والجغرافية والتاريخية والاقتصادية والاجتماعية للوصول إلى قاعدة إستراتيجية صلبة يمكن معها البناء على رفاهية ونمو المجتمع المحلي والعماني ككل.

... إن بادرة اللقاءات بين محافظي المحافظات وولاتها من ناحية، وبين الطاقات الشبابية مختلفة التخصصات في الجانب الآخر، يبث مزيدا من الثقة في نفوس قاعدة الهرم ممثلة في أهالي المحافظات، ورأس الهرم "المحلي" ممثلا في أصحاب السعادة المحافظين، وهذه هي إحدى ركائز "رؤية 2040"، ولعل لغة التخاطب بين المتحاورين تجسّر تلك الهوّة المفتعلة بين الحكومة والناس، والتي لا يمكن لأي رؤية أو خطة أن تصل إلى مبتغاها دون ردمها، والبناء عليها، من خلال المشاركة الفاعلة، والتفاعل المشترك بين أطياف الشعب، وممثلي الحكومة في المحافظات والولايات، وهذه هي أولى خطوات النماء الاجتماعي الصحيح؛ لذلك جاء ذلك اللقاء بين محافظ شمال الباطنة والإعلاميين كبادرة أولى يمكن البناء عليها لواقع أكثر نضجا وانفتاحا وعطاء لصالح الوطن الكبير "عُمان".