غيث السماء يحيي الأرض

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

 

جاءتْ بُشرى السماء منذ مدة مُحملة بالخير في مختلف ربوع البلاد، وجاء غيث السماء يهطل بالسقيا هنا وهناك، واستبشرت أراضينا ومناطقنا بالخير، وتهللت الأرض العطشى بالفرح بعدما استبشرت بفضل الله عليها، فارتوت وأينع زرعها، وقام شجرها، ودبت الحياة في كل حي منها وعليها سواء شجرا أو بشرا، فيا الله لك الحمد والشكر على ما أنعمت.

نعم.. لقد شهدت السلطنة مؤخرا أمطارا غزيرة عمَّ نفعها البلاد والعباد، فسالت السيول الجارفة، ونزلت الأودية والشعاب صارفة إليها الأنظار والتوجهات والتجمعات، فرأينا ما رأينا من قوة وغزارة الأمطار والأودية التي تسبَّب كثير منها في خسائر في الممتلكات العامة والخاصة، ونتيجة لجريان الأودية الكثيرة، كان لابد من وجود حالات غرق بسبب الاستهتار واللامبالاة، راح ضحيتها أطفال وشباب في مقتبل الأعمار.

فما حدث كان سببه إهمال الأسر، إذ كيف بشخص يُغامر بدخول الوادي أو التعرض له أو السباحة في برك مائية دون أن يعرف عمقها، وما تحمله وما بها من عوالق ومخاطر، تتمثل في أمور كثيرة.

إنَّ الأمطار التي هطلت على أجزاء متفرقة من البلاد معظمها كان قويا، وشاهدنا عند نزول الأودية تجمعا لأشخاص بهم من الصحة والعافية ما يجب أن يُسخَّر في أشياء مفيدة، وما يجب أن يحمد الله عليه.

فالصحة والعافية نعمة مفقودة عند كثيرين، لا أن تسخر لكي يستعرضها أولئك الشباب والذين شاهدناهم في ركوب الأودية أو التعرض لها، ولست أعلم أي جنون هذا يبدر من أولئك الأشخاص الذين يعرضون أنفسهم وغيرهم للمخاطر والهلاك، ظاهرين في قمة الاستهتار، وضاربين بعرض الحائط تلك التعليمات والتحذيرات التي أصدرتها الحكومة ممثلة في شرطة عمان السلطانية وهيئة الدفاع المدني وغيرهم؟!!!

إن ما يجب التوقف عنده ومناقشته، هو ذلك الاستهتار الذي شاهدناه والذي تمثل في تجمع مجموعة من الناس أمام مسار ومجرى الأودية، والسير والجري أمامها إما بسياراتهم أو بأنفسهم، وهذا أمر فيه ما فيه من الخطر، ويا ليت الأمر سيتوقف عند هذا الحد، بل سيكلف وحدات الشرطة والطوارئ والإسعاف والإنقاذ، بجعلها في حالة استنفار والنزول إلى حيث مهابط وجريان الأودية لإنقاذ الغرقى وإخراج المحتجزين والعالقين، من الأرواح التي استهترت وعرضت نفسها وحياة الآخرين للخطر.

حقيقة.. تلك التصرفات لا يجب أن تمر مرور الكرام؛ إذ يجب أن تتخذ الحكومة إجراءات صارمة في ذلك، وتوجيه المحافظين والولاة، بتعميم رسائل إلى المجتمع من خلال الشيوخ والرشداء وأئمة المساجد والجوامع والمجالس، وحتى الأسواق، تتضمَّن توعية الناس بالبقاء في منازلهم عند هطول الأمطار، والابتعاد عن مجاري الأودية، حفاظاً على أرواحهم الغالية علينا جميعا.

كذلك تنبيههم بالانتباه إلى أطفالهم من الخروج بمفردهم إلى التجمعات والبرك المائية، وعدم السماح لهم بالاقتراب منها مطلقًا.

كذلك فيما يتعلق بحالات الغرق التي كانت في المغسيل بصلالة، نتمنى أن يُعمل سياج من حديد يمنع أي إنسان من اختراقه وتجاوزه إلى المناطق القريبة من وصول الأمواج، والاكتفاء بمشاهدة تلك المناظر من بعيد؛ لأنَّ الذي جرى مؤخرا هناك أمر محزن للغاية، ولا يجب أن يتكرر مطلقا.

أقول في هذه السانحة، يجب أن يكون الإنسان حريصًا على نفسه وغيره، وأن يكون أمينا على ذلك، ومنتبها لخطورة الإقدام على ركوب الأودية، أو الاقتراب منها ومن أمواج البحر العالية، حتى الوقوف في الصخور التي تحتها تجويفات وحفريات، تُشكل خطورة بالغة؛ إذ من شأنها أن تتحطم بمن عليها، مما سيؤدي إلى سقوط مَنْ فوقها وعليها في البحر مباشرة ومن ثم الغرق.

إنَّ الحكومة تبذل جهودًا كبيرة في توجيه المجتمع بضرورة توخي الحيطة والحذر، وفي حالات الطوارئ نراها في الميدان برجالها وعدتها وعتادها، لا يألون جهدا في إنقاذ من يمكن إنقاذه، وانتشال مَن فَارَق الحياة سواء في الأودية أو البحر، إلا أنه ورغم تلك الجهود، يجب أن يوجه السياح بعدم الاقتراب من الأماكن الخطرة؛ فمثلا عند نزولهم من مركباتهم، يتم توجيههم من قبل الشرطة، بأنَّ ذاك المكان خطر ولا تقتربوا منه أبدا؛ ففي هذه الحالة لن يتجرَّأ أحد على مخالفة هذه الأوامر والتعليمات الفورية والمباشرة، لأنَّ الشرطة ستكون متابعة أولًا بأول عما إذا كانت نُفِّذت التعليمات والأوامر أو لا؛ وذلك من خلال انتشارهم وتواجدهم في تلك الأماكن.

حفظ الله الجميع من كل مكروه، والسلامة نرجوها لكم.

تعليق عبر الفيس بوك