القراءة غذاء العقل

زين بن حسين الحداد

إنَّ أهم نعمة تميز بها الإنسان عن باقي مخلوقات الرحمن، هي نعمة العقل، والعقل هو الأداة التي يتحكم بها الإنسان بأفعاله وأقواله، ويفقه به ما يحدث من حوله؛ فلا قيمة لمن لا عقل له. ووزن الإنسان الحقيقي بين البشر ليس بكتلة جسده، وإنما برجاحة عقله، وكما يُقال "العقل زينة الإنسان".. فهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون!

لابد أن تكون تنمية العقل أحد أهم أهداف الإنسان الناجح المهتم بشخصيته وبناء نفسه. وأفضل ما يُنمِّي العقل القراءة؛ فكما يحتاج جسد الإنسان للطعام كغذاء؛ فالعقل يحتاج كذلك للقراءة والمطالعة كغذاء، وقد اهتمَّ ديننا العظيم بالقراءة، وحث عليها، فكانت أول ما ابتدأ به القرآن الكريم هي كلمة "اقرأ".

وللأسف الشديد في عصر السرعة، أصبح العزوف عن القراءة أمرًا معتادا، والناس تفضِّل الأخبار المختصرة السريعة، التي لا تسمن ولا تُغني من جوع، وتمر السنون وذلك الشاب لم يتقدم لا فكريا ولا علميا، وأصبح طلب العلم لنيل الشهادة فقط. وبهذا تتخلَّف الأمم، ويزداد الجهل، وتصبح المجتمعات مستنقعا للفشل. ولأنَّ أولوياتنا مبعثرة فنقدم غير المهم على المهم، ستجد ذلك الشخص الذي يدفع مبلغًا لدخول السينما في سويعات بسيطة سيستخسر نفس المبلغ في كتاب مفيد مليء بالمعلومات التي لا تُقدَّر بثمن.

من مِنَّا اقترح على ابنه قراءة كتاب واحد في إجازة الصيف كواجب منزلي لتنمية مهارة القراءة، أو طلب منه تلخيص الكتاب والفائدة منه وأهم الأمور التي ذُكرت فيه.. وكلنا نعلم خطورة الفراغ على الأطفال والمراهقين، وليس الترفيه وحده يكفي لقضاء الإجازات والعطل، ومع خطورة زماننا وانتشار الفتن والمغريات ورفقاء السوء والمخدرات وغيرها؛ لذلك يجب على ولي الأمر أن يبادر بمثل هذه الأفكار البناءة التي تنمي الفرد والمجتمع.

أحب أن أستغل هذا المقال لدعوة جميع الأحبة الموجودين بمحافظة ظفار لزيارة معرض الكتاب بصلالة، والذي افتتح بمجمع السلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفيه، وهو بمثابة فرصة مميزة لأهل المنطقة والزائرين لاقتناء ما يُناسبهم من كتب ترفع من مستوى إدراكهم العلمي والثقافي، وتُسهم في رفع كفاءة المجتمع فكريا وعلميا، علما بأنَّ شراء الكتب من المكاتب والمعارض يُسهم في تشجيع وتحفيز المسار الثقافي في بلدنا للصمود في وجهة الجهل والتخلف. كما أنَّي أختم مقالتي بمقولة شهيرة: "لا تقل لي كم كتابا قرأت، ولكن قل لي كم سطرا فهمت".. إشارة إلى الكيف لا الكم، فاختر قيمة نفسك.

تعليق عبر الفيس بوك