السقوط في الحذر!!

المعتصم البوسعيدي


مدخل: "الحذر المبالغ فيه يكون أسوأ من مغباتِ المخاطر" - روجر فريتس

*****

 

يُقال: "الحذر لا يمنع القدر"؛ فلمَ نجد أنفسنا في دائرة الحذر بشكل دائم ومُتكرر؟ حتى إننا صرنا نقتنع بأنَّ الدخول إلى عوالمٍ جديدةٍ تشوبه محاذير لا نهاية لها، فنتردَّد "والتردد مقبرة الفرص" بل ونُصبحُ -في أحيانٍ كثيرةٍ- جُباة أحلام وجلادي تغيير، وبالتالي نظلُ في محطةِ القطار القديمة، وغيرنا يرتاد "المترو" السريع وينجز أعماله بسرعةٍ وكفاءةٍ عالية.

يتحدثُ العالم عن مونديال 2022م، والذي تفصلنا عنه عدة شهور، والجميع يعمل وفق استثمار فرصة إقامته في المنطقة، وإن كانت دولة قطر الشقيقة المُستضيفة والمُستفيدة الأكبر، فإنَّ دول مجلس التعاون جيران الأرض والدم والمصير المشترك لها من الخيرِ نصيب، وعلى ذلك نجدُ من جيرانِنا تحركا سريعا وجادا للفتِ الأنظار، وجلبِ الاستثمار، والاستفادةِ القصوى من أهمِ تظاهرة كروية رياضية اقتصادية عالمية على الإطلاق، أما نحن فالحذر الحذر، والدراسة الدراسة، والمشي "بجنب الحيط" أو نتقفى المثل: "روح بعيد وتعال سالم" وربما نفيق، ولكن حينها قد "طارت الطيور بأرزاقها".

حَذِرون حتى السقوط، وبطيئون لدرجة أن سلاحفنا الخمسين أو المائة لا تتفوق -مُجتمعة- على أرنب ينام في منتصف السباق، وقد وصلنا حد إدمان "محلك سر" وكلما حاولنا فك مسمار التعنت والتزمت، دُق المسمار مرة أخرى وغُرس في لوحٍ هارِ، تطل علينا مسابقاتنا بإفلاس، ونرتحل إلى البطولاتِ بمرارة المشاركة، وتحكمنا الجدليات وخلاف الاصطفاف، ثم ماذا؟ حقيقة مغيبة ومغالطات مؤكدة، ولك الله يا وطن.

صيفُنا يمرُّ رغم أنَّ سحائبه ليست "سحابة صيف"، أضعنا الماء "والقيظ" معًا، الحذر من وادي التغيير والتطوير جرفنا دون أن نعبره، ولأنَّ الحذر يسكننا ارتضينا "بكنز القناعة" حتى في طموحنا وإنجازاتنا، وحسابات تواصلنا ورسائلنا مُلئت بمجاملاتِ التهاني والتبريكات الاجتماعية وبالتعازي، رغم أننا ميتون في حقيقتنا الصعبة، لقد سقطنا في الحذر المبالغ، والخطط البعيدة التي لا يأتيها التنفيذ إلا لِماما، فوضى غير خلاقة، تحتاج لثورة وجرأة لا تُبنى على "خطوة بخطوة" فقد هرمنا من تمطيطِ الوقت وتسويفِ العمل والفرحة لإنجازٍ معياره "كمين قيراط"!

****

مخرج: "لا يُصاب بالبللِ من يبقى بعيدًا عن الماء" - عبد القادر المغربي