المراجع السري

خلفان الطوقي

عُمان في سباق مع الزمن منذ بداية العام 2021م، وهو عام بداية الرؤية الوطنية 2040، فمئات المبادرات تمَّ الإعلان عنها، وغيرها الكثير في الطريق، هدفُها جميعًا التحول الشامل لعُمان من دولة ريعية بشكل كامل، إلى دولة إنتاجية أو شبه إنتاجية، ولو بشكل تدريجي.

فمن يُدقِّق في تفاصيل المبادرات الحكومية المعلنة وغير المعلنة، سوف يعي ذلك الآن أو بعد حين، عملية تحوُّل شاملة مُحاطة بالتحديات من كل حدب وصوب، وتحتاج لأدوات منوعة تشمل التخطيط، والإقناع المجتمعي، والرقابة المؤسسية، والمتابعة والتقيم، وتجديد الإجراءات والتشريعات...وغيرها من الأدوات لمواصلة المشوار الطويل الوعر؛ فلا يزال الدرب في البدايات، وطريق الميل يبدأ بخطوة تتبعه خطوات مركزة ومتتالية.

وبما أنَّ إحدى المبادرات الحكومية المعلنة ضمن "رؤية 2040" هو برنامج "إجادة"، المعني بتجويد أداء موظفي الجهات الحكومية الخدمية، ومعني أيضا بتجويد أداء الجهات الحكومية بوجه عامه، فمن هذا المنطلق يمكن إضافة أداة عصرية طبقت في شركات القطاع الخاص، بل وطبقت في العديد من الدول؛ مما أدى إلى سرعة تحقيق أهداف المؤسسة أيًّا كان نوعها، وهذه المبادرة هي "المراجع السري"، وتسمَّى أحيانا بالمتسوق أو العميل السري.

لا أرى ما يمنع من تطبيقه في المؤسسات الحكومية في السلطنة، خاصة الخدمية منها؛ فكل الدول أصبحت تتسابق في الحلول العصرية والخلاقة والمبتكرة، فمثل هذه الأداة ليس هدفها تشديد الرقابة على الموظف، بل هي أعمق من ذلك؛ فأهدافها عديدة تبدأ بتجويد الخدمة، وتطوير الهيكلة لتكون أكثر إنتاجية، وتسريع المعاملات وزيادة عددها، وتقليل الإجراءات غير الضرورية، واستحداث تشريعات مواكبة للمتغيرات العصرية، واستمرارية تطوير أداء الموظفين...وغيرها من الأهداف التي سوف تنعكس إيجابا على الجهة الحكومية أولا، ويعقبها الدولة بوجه عام.

إنَّ تطبيق مبادرة "المراجع السري" ليست مُعقَّدة، ولا تحتاج لموازنات مالية ضخمة، بل تحتاج لخطة ممنهجة ومحكمة، وتطبق من خلال "متطوعين" أصحاب خبرات تراكمية يرغبون في رؤية الخدمات الحكومية تُدار بأسلوب مهني بجودة عالية وأسرع وبطريقة مبتكرة وعصرية، وما أكثر المتطوعين لهكذا مبادرات، وما أكثر الآليات والنماذج المطبقة في أنحاء عديدة من هذا العالم، ولن يتم إعادة اختراع العجلة كما يقال.

والنتائج المتوقعة سوف تكون نوعية، خاصة وإنْ تم دمجها مع البرنامج الوطني "إجادة" وغيرها من الأدوات التقيمية والمسرعات المبتكرة لتجديد وعصرنة المعاملات الحكومية. ولضمان نجاحها يُكمن لجهة مؤمنة بها وبتنفيذها متابعتها وتقيميها وضمان نجاحها، وخير جهة يُمكن اقتراحها لتناط بها مسؤولية مبادرة "المراجع السري" هي وحدة تنفيذ ومتابعة رؤية عمان 2040؛ فهذه الجهة أصبح لديها النضج والخبرة التراكمية منذ العام 2018م، وبإمكانها أن تجعل هذه المبادرة مستمرة وعصرية وممنهجة وديناميكية وفي تطور مستمر ولها أثر عظيم مستدام.