إلغاء قرار تعمين سياقة المركبات.. لمصلحة من؟

سالم بن نجيم البادي

عندما صدر القرار الوزاري رقم (9/2021) بشأن تنظيم مزوالة مهنة سياقة المركبات، والذي نصَّ على أنَّه تقتصر مزوالة مهنة سياقة المركبات أيًّا كان نوعها على العُمانيين في الأعمال التالية: نقل الوقود، نقل المواد الزراعية ونقل المواد الغذائية.. استبشر المواطنون خيرا، ومنهم من سارع إلى شراء مركبات والأمل يحدوهم في الخروج من مأزق البقاء بلا عمل، أو انتظار الوظيفة الحكومية الانتظار الذي قد يطول، أو حتى أولئك الذين رغبوا في الهروب من ذل الرواتب الزهيدة في القطاع الخاص وهيمنة الوافد الأجنبي مدفوعين بأحلامهم الوردية في المستقل الزاهر، خاصة وأنَّ قطاع سياقة المركبات يُدِر دخلا مجزيا، وقاموا بشراء مركبات، ولا تسأل كيف تم تدبير المبالغ المالية لشراء هذه المركبات، فهذه وحدها تراجيديا تحتاج إلى سارد خبير وصفحات طويلة إن أردنا أن نحكي قصة كل شخص قام بشراء مركبة والمأساة مستمرة والأقساط تقصم ظهور هؤلاء المواطنين.

قال لي أحدهم إنه يدفع قسطا شهريا قدره 600 ريال عماني، من أين له ولزملائه تدبير هذه المبالغ المالية وكل الأبواب مؤصدة أمامهم، وجحافل الوافدين تزاحمهم وتنافسهم في كل أماكن العمل؟!!!

إنَّ بعض مُلاك الشاحنات، والذين أفنوا جل أوقاتهم في مراجعة كل من يعتقدون أنه يمكن أن يُسهم في حل قضيتهم، والمطالبة بتطبيق قرار تعمين سياقة المركبات، تواصلوا معي للحديث عن معاناتهم، ويرجُون وصول أصواتهم إلى من بيده حل هذه المُعضلة؛ مُراعاة لظروفهم الصعبة، والتي تفاقمت مع مرور الأيام، وقد سَئِموا من الوعود الخادعة والتأجيل والتسويف والتجاهل.

ولقد تمَّ إلغاء القرار الخاص بتعمين سياقة المركبات بالقرار الوزاري الجديد رقم (235/2022) الخاص بتنظيم مزوالة بعض المهن، وهو القرار الذي حظر على الأجانب أكثر من 200 مهنة، والقرار وجد ترحيبا واسعا، لكنَّ المادة الثالثة من هذا القانون للأسف الشديد ألغت القانون رقم (9/2021) الذي يقضي بتعمين مهنة سياقة الشاحنات، وقد شكَّل هذا صدمة أخرى لمُلاك الشاحنات في الوقت الذي كانوا ينتظرون فيه تطبيق قرار تعمين سياقة الشاحنات.

وكما يقولون إنَّ الحكومة أنفقت مبالغ كبيرة على تدريب 200 شاب في مهنة سياقة المركبات، ولم يتم توظيفهم حتى الآن، وقد ذهبت آمالهم أدراج الرياح.

وأخبرني أحد ملاك المركبات أنَّه حين أعلن عن وظائف سياقة الشاحنات، تواصل معه 1200 مواطن، كلهم يرغبون في شغل مهنة سياقة شاحنة، وكلهم تنطبق عليه شروط شغل هذه المهنة، وهو كفرد وليس شركة نقل كبرى لا يستطيع توظيف إلا أعداد قليلة، ويحتاج إلى تسهيلات ودعم حكومي حتى يُوظِّف المواطن العماني. وتقدُّم هذه الأعداد الغفيرة من المواطنين لشغل مهنة سياقة مركبة يدحض التُّهم الباطلة التي تزعم أنَّ المواطن العماني لا يرغب في مهنة سياقة الشاحنات الكبيرة، وهذا غير صحيح.. المواطن العماني يستطيع العمل في كل المهن، وهو مُبدع ومُخلص ومُجتهد في عمله، حين يجد الحوافز والتشجيع، عِوَضًا عن التثبيط والشك في قدرته على تحمل المسؤولية. وفي مهنة قيادة الشاحنات، يُوجد شباب يذهبون للأردن والسعودية وحدود العراق وحدود اليمن مع تحمُّل المشاق والمخاطر الأمنية أحيانا.

أخبرني أحد هؤلاء أنه مكث ذات مرة 7 أيام في أحد المراكز الحدودية، وآخر تعرض لسرقة نقوده وجواز سفره وأوراقه الثبوتية.

... إن أصحاب شركات النقل يقولون إن الوافد يعمل ساعات طويلة، وبأجر أقل من أجر السائق العماني، وهذا القول لا ينبغي أن يُتَّخذ عذرا لعدم توظيف المواطن العماني؛ لأنَّ هذا وطنه، وله الأولوية في التوظيف في كل الأحوال. وملاك الشاحنات يأملون في أن يأتي اليوم الذي يتم فيه تعمين مهنة سياقة ناقلات النفط ونقل المواد الغذائية والزراعية، وكل قطاع النقل هذا القطاع المهم والحيوي، وأنَّ الاستفادة المادية من قطاع النقل أولى بها المواطن العماني، خاصة مع وجود هذا العدد الكبير ممن يبحثون عن فرص عمل من الشباب المواطنين.

وكلُّ عُماني هو أحق بخيرات بلده، مع الاحترام لكل البشر، لكن إلى متى سيظل الوافد يخطف اللقمة من فم المواطن؟!!!

ويبقى سؤال ملاك الشاحنات مطروحا: لمصلحة مَنْ تمَّ إلغاء قرار تعمين مهنة سياقة المركبات؟