حماية المجتمع من المثلية

جابر حسين العماني

jaber.alomani14@gmail.com

تعرض القرآن الكريم، وبشكل واضح وصريح، إلى العلاقات الجنسية؛ سواء كانت تلك العلاقة بين الذكر والأنثى كقوله تعالى: "وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا"، أو العلاقة بين الذكرين والأنثيين قال تعالى: "إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ"، وهو ما يُسمى اليوم بالمثلية الجنسية والتي تمَّ تعريفها بالانجذاب العاطفي بين شخص وآخر من نفس الجنس، وتعدُّ المثلية من الظواهر التي يُعاقب عليها القانون في كثير من الدول العربية والإسلامية كما هي الحال في القانون العماني؛ حيث نص القانون في المادة 262 على التالي: "يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (٦) ستة أشهر، ولا تزيد على (٣) ثلاث سنوات كل من ارتكب مع شخص من نفس الجنس أفعالا شهوانية"، والإسلام الحنيف جعل من المثلية الجنسية فاحشة عظيمة حرمها بأنواعها كاللواط بين الرجال والسحاق بين النساء.

لقد كان الشذوذ الجنسي -وما يُسمى بالمثلية الجنسية- مرضا عضالا سعت الكثير من الدول الغربية والعربية لعلاجه والتخلص منه؛ لما له من سلبيات ضارة على الأسرة والمجتمع. أما اليوم ومع كل الأسف تحولت المثلية الجنسية في كثير من تلك الدول إلى قضية ساخنة يسعى الغرب لدعمها وترويجها بشتى الإمكانيات، وذلك من خلال تسخير المؤسسات الإعلامية واستغلال الشركات الكبيرة العابرة للقارات بهدف ترويج المثلية مثل: شركة ديزني وشركة جوجل وشركة BMW، وشركة مايكروسوفت، وشركة كوكا كولا، وشركة آبل، وغيرها من الشركات الداعمة للمثلية الجنسية، والتي جعلت من المثلية الجنسية حقاً من حقوق الإنسان، وأن الإنسان حر فيما يريده في الحياة، بل ولا يحق لأحد منعه والوقوف في وجهه، والأعجب والأدهى من كل ذلك أنَّ كل واحد منِّا يعلم جيدا أنَّ هناك أياما ترمز إلى مناسبات مختلفة على مستوى العام؛ فهناك يوم لعيد الأم، ويوم لعيد الفطر، ويوم لعيد الأضحى، ويوم لرأس السنة...وغيرها من مناسبات وضعت لها يوما للاحتفاء بها، ولكن عندما نأتي إلى المثلية الجنسية والشذوذ نرى المجتمع الغربي لم يضع للمثلية يوما للتعريف بها، بل وضع لها شهرا كاملا عُرف بـ"شهر الفخر"، وهو شهر يونيو من كل عام؛ حيث يرفع الغربيون فيه راية المثليين والاحتفال بالمثلية والشذوذ الجنسي وتشجيع المثلية والترويج لها في سائر دول العالم.

لقد فطر الله سبحانه وتعالى البشر على نظام دقيق يصب بالدرجة الأولى في مصلحة الإنسان نفسه، وأراد من الإنسان تطبيق ذلك النظام في مجتمعه وأسرته، وهو ميل الذكور إلى الإناث والعكس صحيح، ونظم ذلك من خلال العلاقة الزوجية بين الذكر والأنثى فقال تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً"، والهدف من ذلك النظام هو خلق مجتمع سليم معافى من المشاكل الجنسية التي لا داعي لإقحامها إلى الداخل الاجتماعي.

اليوم.. ينبغي على المجتمع المسلم أينما كان أن يعتز بقيمه ومبادئه الدينية والأخلاقية، في الوقت الذي ظهرت فيه مجتمعات غربية أصبحتْ تتساقط أخلاقها كما تتساقط أوراق الشجر في فصل الشتاء، تلك المجتمعات التي أصبحت مع كل الأسف تنادي وتروج لما يخالف الفطرة الإنسانية التي فطر الله بها الإنسان؛ فالمثلية والشذوذ الجنسي من المحرمات التي حرمها الله تعالى، والتي أحد أهدافها منع النسل البشري من التكاثر وإشاعة الفساد الأخلاقي بين سائر الأمم، وقد قال رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم: "ما يَمنَعُ المُؤمِنَ أَن يَتَّخِذَ أهلاً، لَعَلَّ اللهَ‏ أن يَرزُقَهُ نَسَمةً تُثقِلُ الأَرضَ بِلا إلـٰهَ إلَّا اللهُ".

إنَّ من أهم الواجبات الأخلاقية والدينية التي ينبغي أن يتحلى بها المجتمع الإسلامي اليوم هو محاربة المثلية والشذوذ الجنسي أينما كان، بل ومحاربة الأفكار الشاذة القادمة من الدول الغربية، وذلك من خلال الاستفادة من العلم والعلماء كل بحسب تخصصه وإمكانياته، وتسخير الإعلام والاستفادة من الطاقات الإعلامية الجادة والمتمكنة، والعمل الجاد على توعية المجتمع بمخاطر المثلية وأضرارها واعتبارها ظاهرة بل سرطانا يجب استئصاله من جسد الأمة، والعمل على تعزيز القيم والآداب في نفوس أسرنا ومجتمعاتنا وأوطاننا حتى يتمكن المجتمع والأسرة وأفرادها من محاربة الفساد الأخلاقي المتمثل في المثلية الجنسية التي باتت تهدد أبناءنا وبناتنا في الداخل الاجتماعي.