الأخطاء الجسيمة في البناء

حمود بن سيف السلماني 

المنزل هو حلم كل شخص على أرض الوطن، والجميع يتمنى أن يكون له منزله الخاص؛ لأنه يشعر بالاستقرار والطمأنينة في بيته، بعيداً عن مشكلات الإيجار وغيرها.

وأغلب الذين يمتلكون المنازل إمَّا أن يكون عن طريق الاقتراض من البنوك، أو تجميع المال لفترات طويلة جداً، بعدها يبدأ جاهداً في البحث عن أرض مناسبة للبناء عليها أو شراء منزل جاهز في موقع مناسب له ولأسرته، وغالباً ما يقوم الشخص بشراء المنزل إما بالقرب من مكان عمله، أو بالقرب من أسرته.

فالشخص الذي يقوم ببناء المنزل يبدأ في البحث عن الاستشاري الذي يصمم له خريطة المنزل، وبعدها يبحث عن المقاول لبنائه، وكلُّ هذه المراحل تأخذ منه الوقت والجهد الكثير للوصول إلى الاستشاري والمقاول المناسبين في نظره. وبعدها، تبدأ مرحلة التنفيذ والتي يشوبها الكثير من الضغط النفسي والمادي.

ولكن يُصادف أن تظهر بعض العيوب الجسيمة في المنزل؛ سواء أثناء البناء أو بعد الانتهاء منه والسكن فيه، فكل العيوب التي تظهر في المنزل إما أن تكون بسبب المقاول بعدم قيامه بالبناء وفق الأصول الفنية لأعمال المقاولة، أو بعدم قيامه والاستشاري بفحص التربة قبل البناء لأنها يكون السبب في ظهور تلك العيوب في البناء.

كلنا نعلم أنَّ المنزل به الضمان العشري أي (10) سنوات من تاريخ استلامه من المقاول، ويكون الضمان للأعمال الإنشائية التي يقوم بها المقاول في البناء بالتضامن مع الاستشاري المشرف على البناء، ولكن القليل منِّا يعرف أنه يجب المطالبة بالضمان خلال الثلاث سنوات الأولى من ظهور العيوب في المنزل، وذلك حتى لا يسقط الحق في المطالبة بالضمان بعد مرور تلك المدة.

وأغلب العيوب التي تظهر في المنزل هي التشققات التي تحصل في الجدران والسقف، وبعض العيوب تكون بنزول الأرضية في المنزل وتسبب تكْسر في السراميك وجدار المنزل والحوش، وأسباب ذلك نزول التربة -أي تحركها- للأسفل؛ الأمر الذي يتسبب فيه نزول السراميك وتكسره، ونزول المنزل بسبب الثقل مسبب الأضرار الماثلة حتى يصل الأمر إلى هدمها وإعادة بنائها مرة أخرى، ويضيع وقت وجهد المالك سدى في الانتظار للعيش في منزل العمر الذي يحلم به منذ الصغر.

فتلك العيوب يتحملها المقاول والاستشاري معاً، ويجب عليهما أن يقوما بفحص التربة ومعرفة مدى صلاحيتها بالبناء عليها من عدمه، إلا أن أغلب المقاولين لا يقومون بفحص التربة بحجة عدم رغبة المالك في ذلك فإن ذلك لا يعفيهما من المسؤولية؛ لأنَّ القانون اشترط عليهما فحص التربة وافق المالك في ذلك من عدمه وفقاً لما نصت عليه المادة (634) من قانون المعاملات المدنية، هذا بالنسبة للعيوب التي تظهر بسبب نزول التربة.

أمَّا العيوب التي تظهر في السقف والجدران، فقد تكون بسبب عدم قيام المقاول بالبناء حسب الأصول الفنية لأعمال المقاولة، كان تكون قوة الخرسانة أو الصبية أقل من النسبة المحددة في الخرائط وأغلب البيوت تكون النسبة (30 نيوتن) حسب المقياس المعروف لدى المهندسين المتخصصين في أعمال الهندسة المعمارية.

وأغلب المقاولين يقومون بالاستعانة ببعض شركات الخرسانة الجاهزة لصب السقف أو الأعمدة، فتكون تلك الخرسانة غير صالحة للاستعمال، أو فاقدة لبعض القوة التي نادراً ما تخضع للفحص للتأكد حول مدى ملاءمتها للصب من عدمه، وفي كل الأحوال يكون المقاول والاستشاري هما المسؤولان عن تحمل كافة التبعات القانونية في حالة ظهور العيوب في المنزل.

وفي الختام.. نُلاحظ تكرار تلك الأخطاء الجسيمة من قبل المقاول والاستشاري، وظهور نفس العيوب لكل المنازل في الغالب؛ الأمر الذي يتوجب الوقوف معه وقفة جادة وحازمة للحد من تلك العيوب الجسيمة التي تظهر في أغلب المنازل.

 

* محام ومستشار قانوني

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة