الحركة النسوية.. والمتاهات الماسونية!

حمد بن سالم العلوي

 

إنَّ الحركة النسوية التي بدأ الغرب بتأجيجها في الأعوام الأخيرة، ما هي إلا شيء من الحق أريد به باطل أعظم من ورائه، ودعوة ضالة لتمرُّد المرأة وإخراجها عن طورها، والمهام والوظائف التي خُلِقت من أجلها؛ وذلك بعدما جعل الغرب من المرأة مُتعة لأهواء النَّفس، وبعدما جرَّدها من ملابسها في الأزمنة الحديثة بـ"مسخرة" التطوُّر والتمدن، وجرَّدها كذلك من عِفتها وحيائها، ليجعلها مُتعةً للنظر، وإغراءً للبشر، فهي أصبحت كالمتاع المباح، أو كما كان حالهن زمن الجاهلية الأولى، ولأنَّ الغرب في جوانبه الأخلاقية والأسرية لا يزال يتمسك بالجاهلية القديمة، حتى وإنْ بلغ بعلمه القمر والنجوم والكواكب، فلا غرو في هذا السلوك الشاذ عن نواميس الحياة التي تحكمها شرائع خالقها، وهو خالق الكون كله، إن كانوا سيحققون أهدافهم في السيطرة على الشعوب وإذلالها، أما هم فقد صاروا عبيداً للصهيونية العالمية.

إنَّ الله كرَّم المرأة في القرآن الكريم، وأعطاها حقها كاملاً دون أي نقصان، ومنحها في جوانب اللطف والرحمة القدر الكبير؛ فأعطاها حقًّا أكثر من حق الرجل، وإن كان أثقل عليها في الحمل والولادة، وتربية الأبناء، لكنه تعالى عزَّ وجلَّ غرس في نفسها قدرًا كبيرًا من الحب والعاطفة، وكرَّمها بخاصية الصحبة والرفقة أكثر من الرجل، وذلك عندما يكون هذا الرجل في مقام الزوج والأب، فالحديث الشريف يؤكد أحقية الأم بالرفقة من الأبناء، وذلك بتكرار التأكيد على رفقة الأم ثلاث مرات، والصحبة والرفقة مع الأب مرة واحدة.

وفي المواريث، تحصلُ الأم على نصيب أكبر من غيرها إجلالاً لقدرها، وعوضاً عن جهدها في تربية الأبناء، وإدارة البيت وحفظ كيانه من الزوال والاندثار، وشرع لها الدين الإسلامي حقوقًا كثيرة؛ منها: الاكتفاء بإدارة البيت وتربية الأبناء، وهذا تكليف كبير لأنه يعد أجيالَ المستقبل إعداداً عظيماً، وقد قال الشاعر المصري حافظ إبراهيم: "الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ.. الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَهَّدَهُ الحَيا بِالرِيِّ أَورَقَ أَيَّما إيراقِ.. الأُمُّ أُستاذُ الأَساتِذَةِ الأُلى شَغَلَت مَآثِرُهُم مَدى الآفاقِ". وكلف الزوج بالسعي في الأرض، وكلفه الله بالقوامة الكاملة، حتى تكون المرأة آمنة في أسرتها، مُغْنية عن العوز والحاجة، طالما ظلت في كنف الرجل وأبنائهما.

والمرأة في الإسلام تعيش مُحترمة مُصانة، لها حق التملك والتصرف في مالها، وحق الاحتفاظ باسمها ونسبها، وفي هذا دليل على حفظ حقوقها وحريتها في الاختيار والاستقلال في الكثير من الأمور الخاصة بها، إلا في الذي يُضيّع حقوقها ويعرضها للخطر، فإنه يوكل إلى صاحب القوامة وهو "الرجل". أما في بلاد الغرب الذين يتغنون بالديمقراطية والحرية، فقد حُوِّلت المرأة، وحتى يُقنِعن النساء بما قسَّم لهن الرجل الغربي بما أوجدهن فيه، طبقوا عليهن بيت الشعر الذي قاله فيهن أمير الشعراء أحمد شوقي: "خَدَعوها بِقَولِهِم حَسناءُ وَالغَواني يَغُرُّهُنَّ الثَناءُ"، ولما كان الدِّين العماد المستقيم للإنسان ومرجعه الذي يُبعِده عن الاعوجاج؛ فقد أخرجوا المرأة من الدين، وميَّعوها باسم الحداثة والتطور والحرية والديمقراطية وتحت "دعوة العلمانية والمساواة مع الرجل"، كلُّ ذلك بهدف خدمة أهدافهم ومخططاتهم، وذلك للحد من سكان الأرض، وكأن الرزق يأتي منهم، وليس من الله العزيز المتعالي.

وقد روَّجوا للمرأة نهجًا آخر يُسهِّل عليهم تشكيلها، وذلك كما رسموا هم لحاجتهم من المرأة من ملذة ومتعة لهم، وبذلك فقد حُولت المرأة في الغرب إلى سلعة، وجعلت ملكاً للزوج، ولُغِي نسبها وارتباطها بأبيها، وقد تمَّ نسبها إلى اسم زوجها وعائلته وقبيلته، إذن فإنَّ الغرب مَسخ كل كيان المرأة، وصَهرها لتكون مجرَّد متعة، وليست زوجة وشريكة له في الحياة، أو مجرد عشيقة أو صديقة تُشبع له ملذاته ورغباته، ويتطوَّر بهم الأمر إلى إباحة قتل الأبناء بالإجهاض، أو حتى التخلي عنهم في المستشفيات، كما تفعل بعض الحيوانات والبهائم في هذا الكون، وكل ذلك يحدث تحت شعار الحرية والديمقراطية والحداثة والتحضر الكاذب، وهذا التسخيف بالمرأة أن جُعلت مسخرة وفرجة، ففي ذات مرة أحضرت فتاة، وعرضت في قناة فضائية غربية، فطرحت أسئلة وكلما جاوب مجاوب، أخذت تلك الفتاة تنزع شيئًا من ملابسها، كهدية من التليفزيون للجواب عن الأسئلة، وهذا كان يحدث على الملأ، فأيُّ سخرية وتحقير بالمرأة أكبر من تلك السخرية؟!!!!

... إنَّ النساء أُمرن أن يَقرن في بيوتهن، وألا يَتركن أسرهن من أجل العمل، لأنَّ قوامة البيت واجبٌ على الرجل وليس المرأة، وحقيقة أنا من المؤيدين بألاّ تخرج النساء للعمل، ومزاحمة الرجال في أعمالهم، والتضييق عليهم في رزقهم، ولقد طغى وجود النساء في الوظائف، فإذا سارت الحال على هذه الوتيرة، فإنَّ السواد الأعظم سيكون للنساء، والرجال عليهم الجلوس في المنازل، وهم المكلفون شرعاً بالسعي وليس المرأة، ولكن يجب وضع ضوابط عاجلة، فكل امرأة يُتطلب منها الخروج إلى العمل، يجب أن تُدرس حالتها الاجتماعية، فإن لم يكن عملها لضرورة مُلحَّة، وإلَّا فلا يسمح لها بالتوظف من أجل جمع المال فقط، ومزاحمة الرجال على الوظائف، خاصة الوظائف الإدارية وغير الفنية، فيجب أن يرفض الخنوع للغرب الذي دأب على تدمير المجتمعات، ومُحاربة الله في شرعه، ويجب أن يسري حكم الله، وليس حكم الماسونية اليهودية العالمية، والذين يجهدون أنفسهم في مخالفة حكم الله في عبادِه وأرضه، ومن يرجو النصرة من الله فلا غالب له إلا بإذنه تعالى عز وجل.