"أوفا" ملك مرسيا المُسلم.. القوة المهيبة

حمد الناصري 

حكَم "أوفا" مملكة مرسيا عام 757م وتولَّى العرش بعد أنْ طرد "بيورنرد"، وفي العام 787م ظهرتْ قوة "أوفا" على مملكة "وسكس" التي كان يحكمها "كينوف"، وانتزع أوفا منه "بنزينغتون" ونهر التايم الذي فصل بين المملكتين "مرسيا ووسكس"، وبتلك القوة أصبح "أوفا" قوة بارزة ومُهددة لبقية ممالك أنجلوسكسونية، وعُرض ذلك الخطر على مجمع كنسي عُقد في مكان يُدعى "كيالخيت".

ولا شكَّ أنَّ لـ"مرسيا" قوة مهيبة وسطوة كبيرة في ممالك الأنجلوسكسوني؛ مما جعل "أوفا" يستغلّها كامتداد حتى وصل إلى جنوب نهر همبر، وينسب المورخ "الويليز آسر" إلى أنَّ "أوفا" تعود سيرته إلى نفس التحصينات الكبيرة التي وضعها "الفريد" ضد الويلز. ومما يُذكر أنّ خندق "أوفا" لا يزال يحمل اسمه، وقد شمل امتداده حائطًا وسُورًا.

تُعرف مرسيا بالإنجليزية Mercia، وبالإنجليزية القديمة Miercnari، وكُتبت باللاتينية Regnumerciorum، وهي مملكة قديمة تقع وسط إنجلترا وتُعَد واحدة من الممالك السبعة الأنجلوسكسونية قديماً. مما يُؤكد على وجود الحكم الإسلامي في ممالك أنجلوسكسونية، منها تلك الآثار الإسلامية في إنجلترا الإنجليزية وظهور عملة الدينار: على وجهها الأول كُتب عليها كلمة الملك أوفا (Rex offa)، وعلى ظهرها الاخر كلمة "محمد رسول الله"، وهذا دليل قاطع على أنّ الملك "أوفا" حكم مرسيا التي تُعرف اليوم بإنجلترا الوسطى.

وفي العام 789م، تحالف أوفا مع الملك "بيورتريك" ملك وسكس، وحسب الوثائق فإنَّ زوج ابنته "يدبرج" -أي ابنة الملك "بيورتريك"- قد تسببت بموت "إثلبرت" الثاني ملك أنكليا الشرقية، إلا أنَّ بعض السجلات تُؤكد ذلك الموت، وتُنسب جريمته إلى "كينثريت" زوجة "أوفا"؛ مما يدل على أنَّه في العام 796م مات أوفا، وخلفه في الحكم ابنه "أغفريت" بعد حكم تسعة وثلاثين عاما!

أطرحُ على القارئ الكريم أسئلة ذات مغزى.. إنه ورغم التعريفات التي خلصتُ بها إلى ذلك الرجل الذي حكم مرسيا، الملك المسلم  "أوفا"، وبقية الممالك التي خضعت له من ممالك الأنجلوسكسونية، تُرى من هو ذلك الملك المسلم الذي حكم بريطانيا العُظمى؟ ولماذا خلتْ المراجع الإنجليزية من اسم الملك المسلم؟ ولماذا تمَّ التعتيم على الثقافة الإسلامية في قلب إنجلترا رغم أنَّ مسألة الحُكم الإسلامي قد غُيبت وخلت منها أكثر المصادر الإنجليزية؟ والسؤال المُثير: لماذا ظهرت الحاجة إلى الحديث عن الملك "أوفا ركس"، رغم أنَّ حُكمه قد توسّع إلى غالبية أجزاء إنجلترا تحت حكم واحد؛ وبالتالي: هل نقول إنَّ فترة حُكم "أوفا" الملك المسلم الذي تولّى الحكم منذ العام 757م حاكماً على "مارسيا"  سيرة  إسلامية  أُخفِيت عمداً في إنجلترا؟

خلاصة القول:

إلى المُتخصصين في التاريخ، والجهات المسؤولة ببريطانيا العُظمى: لماذا المناهج البريطانية تخلو أو غَيَّبت التعريف عن الملك المسلم "أوفا ركس"؟ ولماذا حُجبت مَصادرهُ التاريخية لسنين طويلة؟ وهل إدارة المناهج البريطانية تتعمَّد عدم ذكر ذلك الملك المسلم أم أنها تعمَّدت حذف كل ما يتعلَّق بهذا الملك الذي له أثر كبير على الحياة في إنجلترا، وعلى سائر الممالك التي توحّدَتْ في ظل حكمه الإسلامي؟ والسؤال الذي يُثيرني شخصيًّا: لماذا الآن؟ لماذا ركّزت بريطانيا على السيرة الإسلامية التي قام بها الملك "أوفا ركس"، ولم تهتم بذكره قبل هذه الفترة، رغم أنّ "أوفا" قد ركَّز في حُكمه على توحيد الممالك الإنجليزية المُمزّقة، وأسهم بقوة في أنْ تكون الممالك المُتفرقة تحت حُكم واحد وهو حُكم الإسلام؟!!!!

 

* كاتب عُماني

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة