انقطاع الإنترنت في مسندم

راشد الشحي

يبقى الكابل البحري معضلة أساسية في محافظة مسندم منذ عقود طويلة، وقتها كان الأمر ذو طابع سياسي متعلق بالسيادة على الإقليم وعدم قبول تدخل الأجنبي وفق فكر قومي عربي إسلامي ينكر تدخل الأجنبي وإملاء شروطه وأجنداته على المنطقة، وكان الرد واضحًا وصريحًا على الإنجليز- كانوا يسمون الإفرنج وقتذاك بالمصطلح المحلي- كونهم أرادوا مد الكابل البحري للاتصالات من الهند إلى العراق- في زمن شركة الهند الشرقية- مرورًا بمحافظة مسندم، إلّا أن الأمر قوبل بالرفض من قبل الأهالي في مسندم.

وكالعادة المعهودة للإنجليز؛ حيث ديدنهم الخداع واستغلال الفرص المتاحة، فهم لم يعتادوا أن يعصوا أو يلاقوا أية معارضة في مشارق الأرض ومغاربها، كيف لا وهي الإمبراطورية العضمى التي لا تغيب عنها الشمس، سابقًا طبعًا! فما كان من الإنجليز إلا أنهم وشوا مشايخ مسندم ورجالها إلى الحكومة في مسقط، وساد سوء الفهم بين الحكومة والأهالي الذين عارضوا مد الكابل البحري. يومها سفن الاستكشاف والكابل البحري خارج تفكير الأهالي بالمحافظة.

شيء مستغرب وفيه نوع من التحدي وانتقاص من السيادة وتنازل عن كل ذلك لصالح الأجنبي غير المرحب به، ورغم كل الخدمات والوعود التي يترجمها ناطقي العربية المكسرة من المقيمين السياسيين والمستشرقين والجيولوجيين التي كانت تعج بهم سفن الاستكشاف. كل ذلك ما كان يُغيّر من فكر الأهالي تجاههم قيد أنملة ولايعدو سوى أنهم غزاة ودخلاء يجب عدم الرضوخ لمطالبهم.

لكن واقع الحال الآن، فإن الكابل البحري الرابط بين العاصمة مسقط والمحافظة المقطوع منذ عدة أيام والذي بسببه تعطلت الاتصالات وخدمات الإنترنت وبقية الخدمات المرتبطة، والناظر لسفينة الخدمات الراسية في خصب ينظر إليها على أنها الأمل المخلص لهذه المعضلة وطبيعة الخدمات التي ننعم بها، وهي محسوسة وعرفت قيمتها؛ بل وتعاظمت بعد فقدها بانقطاع الكيبل البحري، متمنين أن تكلل الجهود بالنجاح وعودة الخدمات لسابق عهدها وبأفضل حال.

موقف الأوائل كان نابعًا من كون أن هذه الخدمات لم تكن تعني لهم شيئًا، ولم يعتادوا عليها ولم تتملكهم ووجودها، أما الآن وفي هذا الزمان وكل هذه الخدمات المرتبطة بالاتصالات والإنترنت، نتساءل جميعًا: متى ترجع الخدمة إلى محافظة مسندم وما الخطط البديلة من قبل جهات الاختصاص فيما إذا تكرر مثل هذا القطع مستقبلًا؟ وهل من مراعاة للفواتير الشهرية وكل هذه التبعات؛ إذ وصل الحال إلى أن أصحاب بطاقات الدعم للوقود لم يستفيدوا من هذه الخدمة خلال فترة الانقطاع؛ كون بطاقات الدعم مرتبطة بالإنترنت!

تعليق عبر الفيس بوك