عُمان ومصر.. علاقات تاريخية

 

د. خالد بن علي الخوالدي

Khalid1330@hotmail.com

 

تُذكّرنا الزيارة التي قام بها فخامة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لسلطنة عمان ولقاؤه بمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- بالعلاقات التاريخية الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ والتي تربط عمان الحضارة والتاريخ بأرض الكنانة وأم الدنيا ومنبع الأمجاد والتاريخ؛ إنها جمهورية مصر العربية.

علاقات تاريخية ممتدة منذ الآلاف السنين بين عمان ومصر، ولعل التاريخ هو العامل المشترك الأبرز بين الحضارتين، فعندما تذكر مصر القديمة تذكر معها عمان التاريخية ويتصدر مشهد التبادل التجاري بين القدماء المصريين وأهل عمان من خلال تصدير اللبان العماني الشهير إلى مصر، وكان الفراعنة لا تكتمل طقوسهم الدينية والتعبدية إلا بحضور اللبان العماني،  وما الرحلة التاريخية التي قامت بها الملكة المصرية حتشبسوت إلى ظفار في عصر الفراعنة إلا تتويجا لهذه العلاقات وتوطيد للمكانة العليا المرتبطة بعمان التاريخ والحضارة.

وهذا العلاقات التاريخية بلا شك ليست تجارية فحسب وإنما هي علاقات سياسية وثقافية واقتصادية وإيمان بالعمق الاستراتيجي الرابط بين الحضارتين العمانية والمصرية وترسيخ ثابت بالمكانة الكبرى لتلك الحضارتين وهو ما يعتبر عمق استراتيجي ظل متماسكا طوال التاريخ الذي يمتد لأكثر من 3500 عام، وتواصل هذا المد التاريخي في كثير من الحقب ليصل إلى تطوره وتقدمه وازدهاره في عهد السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- ومواقفه التاريخية مع جمهورية مصر العربية التي لا يستطيع أحد نكرانها، ولو تخطينا كل المواقف المشرفة وتحدثنا فقط عن موقفه- رحمه الله- عندما قاطعت الدول العربية مصر بعد اتفاقية كامب ديفيد مع الكيان الإسرائيلي المحتل والتي أسفرت عن استرداد الأراضي المصرية المحتلة في زمن الرئيس أنور السادات، لكان هذا الموقف يكفي عن كل الشواهد. لقد أثبتت السياسة العمانية حكمتها وثباتها وخبرتها في قراءة الأحداث، فقد سار العرب على نهج السلطان قابوس وعاددت مصر إلى مكانها الحقيقي كقائدة ومؤثرة في الأوساط العربية والعالمية.

وكان لنا الشرف في عصر النهضة بأن تكون مصر حاضرة معنا في كل ربوع سلطنة عمان من خلال حملة العلم وشعاع المعرفة؛ حيث تعلمنا على أيدي أبناء المحروسة وتعالجنا على أطباء من أرض الكنانة وتوافدت إلينا خبرات المصريين في مختلف الجوانب الهندسية والبيطرية والزراعية وغيرها وما زال إخواننا المصريون يكنون الود والمحبة لعمان ويعملون فيها بمحبة وصدق وإخلاص، وما زال العماني يحظى بالتقدير الكبير والاحترام عندما يزور جمهورية مصر العربية، وها هو اليوم مولانا السلطان هيثم بن طارق- حفظه الله ورعاه- يواصل المسير ويبرهن على هذه المكانة التاريخية والحضارية، حينما يستضيف فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي في مسقط؛ لتنفتح بعد هذه الزيارة آفاق أوسع لتوثيق هذه العلاقات بارتباط اقتصادي وتجاري واستثماري وتواصل تاريخي يعزز مكانة سلطنة عمان وجمهورية مصر العربية في معالجة الكثير من القضايا العربية والإقليمية والعالمية.

علاقات متميزة سوف تستمر وتتوطد وترتقي في ظل الرؤى الحكيمة للقيادتين، وسنرى نتائج هذه الزيارات على أرض الواقع من خلال فتح المناخ الاستثماري للتجّار في البلدين ومن خلال زيادة التبادل التجاري بين البلدين وغيرهما من أوجه العلاقات الوثيقة التي تربط البلدين الشقيقين، حفظ الله سلطنة عمان وجمهورية مصر العربية وحقق للشعبين الشقيقين المزيد من التطور والرقي والتقدم.

ودمتم ودامت عمان بخير.