مكافأة نهاية الخدمة

 

حمود بن سيف السلماني **

** محام ومستشار قانوني

 

قال الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعا بَصِيرا" (النساء: 58)، وقال تعالى: "نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا" (الزخرف: 32).

فعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كانت له مظلمةٌ لأحدٍ من عرضِه أو شيءٍ فليتحلَّلْه منه اليومَ ، قبل أن لا يكونَ دينارٌ ولا درهمٌ ، إن كان له عملٌ صالحٌ أخذ منه بقدرِ مظلمتِه ، وإن لم تكنْ له حسناتٌ أخذ من سيئاتِ صاحبِه فحمل عليه» (البخاري:2449). عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه"، وفي رواية: (حقه) بدل (أجره) رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.

من خلال كل ما وضح من الآيات القرآنية والسنة النبوية الشريفة، نجد بأن الإسلام قد حفظ حقوق الآخرين من العمال وغيرهم، وذلك ما سار عليه المشرع العماني بحفظ حقوق العاملين في القطاع الخاص والعام، والذي يهمنا في هذه السياق هو حقوق العاملين في القطاع الخاص، وذلك بعد انتهاء فترة عملهم لدى رب العمل، وما هي الحقوق الواجب حصولها بعد فض علاقة العمل ما بينه وبين الشركة.

ونصت المادة (39) من قانون العمل العماني، (يجب على صاحب العمل بالنسبة الى العمال غير المنتفعين بأحكام قانون التأمينات الاجتماعية إذا انتهت علاقة العمل أن يؤدي إلى العامل مكافأة عن مدة خدمته، تعادل أجر خمسة عشر يوماً كل سنة خدمة من السنوات الثلاث الأولى، وأجر شهر عن كل سنة من السنوات التالية، ويستحق العامل المكافأة عن كسور السنة بنسبة المدة التي قضاها في الخدمة ويتخذ الأجر الأساسي الأخير للعامل أساساً لحساب المكافأة).

فالمشرع العماني قد حافظ على حقوق العاملين في القطاع الخاص وذلك بحصولهم على مكافأة نهاية الخدمة بعد انتهاء العلاقة التعاقدية مع صاحب العمل، بشرط الا تقل تلك الخدمة عن سنة، ويتم احتساب تلك المكافاة بناء على عدد السنوات التي قضاها العامل في العمل مع صاحب العمل.

واذا فرضنا أن العامل استمر في العمل لدى صاحب العمل لمدة خمس سنوات فيكون مستحقل لمكافأة نهاية الخدمة عن الثلاث سنوات الأولى براتب (15) خمسة عشر يومًا  عن راتب أساسي كامل عن السنة الرابعة والخامسة؛ أي بمعدل راتبين وخمسة عشر يوماً، من الراتب الأساسي المتفق عليه في العقد.

وتلك المكافأة التي يتحصل عليها العامل بعد انتهاء مدة العمل لدى رب العمل هي من قبيل التشجيع للبقاء لدى صاحب العمل لفترة ومدة أطول، وذلك لاستقرار العمال في الشركات ولدى صاحب عمل واحد، ومن أجل التشجيع كذلك في الإنتاج وبذل العناية الكاملة في الشركة للحصول على العوائد المرجوة، وحتى يطمئن العامل بأن عمله وجهده طوال فترة عمله لدى الشركة لن يذهب سدى، وأن الشركة ستكافئه على جهوده المبذولة خلال فترة العمل.

ويمكن لصاحب العمل أن يقوم بتكريم العمال في العمل، وتشجيعهم على بذل العناية الكاملة في زيادة الإنتاج، وذلك  بتشجيعهم بشتى طرق التشجيع القانونية، حيث يخصص نسبة معينة لمن يسجل أرباحاً معينة للشركة، أو من يقوم بتطوير الشركة، وغيرها من الامتيازات التي يستطيع صاحب العمل تشجيع العمال لبذل المزيد من الجهد والاتقان من أجل زيادة الإنتاج ورفع سمعة الشركة محليا ودوليا.

لكن في المقابل نجد بعض أصحاب العمل يمتنعون عن إعطاء العمال حقوقهم بعد انتهاء فترة عملهم بالشركة، قد يكون صاحب العمل لا يعلم بتلك الحقوق وآلية احتسابها، وقد يكون يعلم ولكنه يمتنع من إعطاء العامل حقوقه المشروعة قانوناً، فبالتالي فإنه يحق للعامل المطالبة بتلك المكافأة قانوناً، إذا توفرت الشروط المذكورة في حقه، ويستطيع العامل إثبات علاقة العمل بكافة طرق الاثبات المقررة شرعا وقانونا ومدة العمل لدى صاحب العمل حتى يتم حساب المكافأة له.

تعليق عبر الفيس بوك