تنظيم سوق العمل ضرورة وطنية

 

د. علي حبيب

 

قرأنا في وسائل التواصل الاجتماعي قبل أيام تصريحًا لأحد المسؤولين نادى من خلاله بإلغاء سياسات التعمين لحل أزمة التوظيف في الوطن!

وهذا طرح غريب وينذر بتفاقم أزمة الباحثين عن العمل التي طالت لسنين وما زالت تتراكم الأعداد مع الوقت، وكذلك سيزيد من سرعة التسريح التعسفي الذي تمارسه بعض الشركات التي يسيطر عليها اللوبي الآسيوي؛ حيث إن هذا التصريح وأمثاله من التصريحات يمثل بابًا جديدًا أمام هذه الشركات للتهرب من مسؤولياتهم الاجتماعية، والتي في الأصل حسب القانون أن التوظيف يكون للمواطنين المؤهلين للعمل، وليس للأجانب، لكن يُسمح للشركات باستقدام العمالة الأجنبية للعمل  في عمان في حالة عدم توفر العاملين المواطنين لتلك الوظائف والمهن.

لكن بعد صدور مثل هذه التصريحات قد تتعمق أزمة التسريح في كل جغرافيا الوطن، و هذا ما يؤسف له.

وإلغاء سياسة التعمين كليًا سيخلق أزمة قادمة لدى شريحة كبيرة من أفراد المجتمع.. ألا تكفي الأزمات التي نواجهها على مدى الأعوام الماضية وما زالت مستمرة في أغلب القطاعات؟!

علينا أن لا ننسى أن شركات القطاع الخاص العماني بمختلف درجاتها يسيطر على معظمها اللوبي الآسيوي، وهذا واقع، فلا ندفن رؤوسنا في الرمال، ونبتعد عن إيجاد الحلول.

وأنا هنا لا أنتقص من إنجازات العمالة الآسيوية التي حققوها في عمان، لكن سنة الحياة تقتضي أن يتولى الجيل الجديد من الشباب المؤهل زمام القيادة في القطاع الخاص.

ولا بُد أن هناك حلولًا لهذه الأزمة، وهنا أوضّح أهمية اتخاذ عدة إجراءات تصحيحية لحلحلة الأزمة، وهناك حلول أخرى متماشية مع الطرح الحالي وسبق أن طرحتها في مقالتين منفردتين في جريدة الرؤية العام الماضي (مقال: نحو منظومة عمل مهنية متكاملة (1- 2) https://alroya.om/p/277177، ومقال: نحو منظومة عمل مهنية متكاملة (2-2) https://alroya.om/p/277577).

 

ومن بين هذه المقترحات: استحداث نظام الكوتة (النصاب الأعلى) لوجود جنسيات العماله الأجنبية بالوطن، فيتم تفتيت اللوبي المسيطر الحالي على الشركات بقانون ملزم بتنويع جنسيات الوافدين الاجانب؛ لتكون العمالة من مختلف الجنسيات فيسهل حينها نقل الخبرات والمعلومات والتجارب للعمالة الوطنية بدون حواجز.

كما إن وجود جاليات عربية ومن مختلف الجنسيات يمكن أن يسهم في تحقيق توازن في بيئة الشركات، وحينها يتضاءل حجم اللوبي المسيطر، فلا يكون قادرًا على تشكيل لوبي ضاغط تجاريًا واقتصاديًا، أو أن يحتكر أنشطة تجارية معينة ويوجهها باتجاه مصالحه؛ لدرجة أنه يضغط على أصحاب الشركات العمانيين لاتخاذ قرارات لا تخدم الصالح العام!

من بين المقترحات أيضًا توجيه دعم مالي لتعزيز سياسات التعمين، من خلال تطوير وجوده من خلال إنشاء منظومة مهنية عمانية في كل الولايات، وخاصة تلك التي تضم مناطق صناعية.

وإجراء تغييرات أساسية في قانون العمل العماني ليصبح متوازن العلاقة بين جوانب الإنتاج المختلفة فيحفظ حقوق الجميع في علاقة مرتبطة بالإنتاج وحسن الأداء، يقابله تحفيز مالي ملموس.