رحمة الله تغشاك يا بهوان

طالب المقبالي

muqbali@gmail.com

تزخرُ بلادُنا بالأثرياء الذين رزقهم الله من خيرات هذا الوطن، حتى بلغت ثروات البعض المليارات، ويُصنف عددٌ من أثرياء عُمان ضمن القوائم الدولية التي تصدرها مؤسسات متخصصة في تقييم ثروات أغنياء العالم.

لكن لا نرى أثرًا لهذه الثروات في الوطن عدا تلك البنايات الشاهقة، والقصور المنيفة، والسيارات الفارهة، والمزارع والجنان المنتشرة هنا وهناك، والطائرات واليخوت الخاصة التي يستمتع بها أصحابها دون غيرهم. وبما أننا دولة مُسلمة وزكاة الأموال فرضٌ من الفروض المشروعة الواجبة والتي ورد ذكرها في القرآن الكريم، ولهذه الزكاة نصاب معين، فإن زكاة أموال هؤلاء الأثرياء لو أُخرجت ستحل أزمات كثيرة؛ لأنها لن تكون قليلة مقارنة بالأرباح والعوائد التي تجنيها. والزكاة قد شرعها الله سبحانه وتعالى تطهيرًا لهم وتزكية وسكنٌ لهم، يقول الله تعالى في سورة التوبة: "خُذ مِن أَموَالهم صَدَقَة تُطَهِّرُهُم وَتُزَكِّیهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَیهِم إِنَّ صَلَوٰتَكَ سَكَنࣱ لَّهُم وَاللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ". وهناك آيات قرآنية عديدة وأحاديث نبوية شريفة تحث على أداء الزكاة باعتبارها فرض وركن من أركان الإيمان.

في المقابل، هناك شخص لا يمكن لأيٍ منّا أن ينساه، وينسى عطاءاته الخيرية، إنه الشيخ سعود بهوان -رحمه الله تعالى وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة. فهذا الرجل ما زالت خيراته تتدفق، وما زال عطاؤه مستمرًا حتى بعد رحيله عن دنيانا الفانية.

وأذكر شخصيًا الكثير من المواقف، ومنها توزيع اللحوم للمعسرين كل يوم جمعة في جميع أنحاء السلطنة، وكانت توزع دون قوائم للمنازل القديمة والبسيطة في أكياس يصل وزن كل كيس إلى كيلو ونصف الكيلو. وكان يصرف لكل أسرة من أسر الضمان الاجتماعي مساعدة مالية بمقدار 100 ريال لكل أسرة في شهر رمضان المبارك.

كما يصرف مرتبات شهرية لعدد كبير من المحتاجين والفقراء، ناهيكم عن مساهماته المستمرة في توفير الأجهزة الكهربائية المنزلية للأسرة المحتاجة لمثل هذه المساعدات، لا سيما أسر الضمان الاجتماعي، والأشخاص من ذوي الإعاقة.

فهذه الهبات والصدقات لم تنقص من ثروته؛ بل زادتها بركة، وقد أنشأ -رحمه الله- جمعية خيرية حتى يستمر هذا العطاء بعد وفاته؛ حيث أنشأ مؤسسة سعود بهوان الخيرية ومقرها الرئيسي في محافظة مسقط؛ لتكون معينًا متدفقًا بالعطاء، وهي جمعية خيرية تطوعية غير ربحية، وتهدف إلى مساعدة الفقراء والمساكين داخل السلطنة. ومن أعمالها المساهمة في بناء المساكن الاجتماعية للفقراء والمحتاجين، وتأهيل بعض الحالات من أبناء الضمان وفئات الأيتام علميًا، والمساهمة في صيانة المساجد وتعميرها، والمساهمة في إنشاء مدارس تحفيظ القرآن الكريم وتدريس علومه، والمساهمة في علاج حالات المرضى التي يرى مجلس الإدارة الجدوى من علاجها، والمساهمة في أي أنشطة خيرية يرى مجلس الإدارة المساهمة فيها.

وتخضع هذه الجمعية تحت إشراف وزارة التنمية الاجتماعية، ولها مجلس إدارة يدير شؤونها، وبالتأكيد لها موارد خاصة قد أوقفها الشيخ سعود بهوان في حياته حتى تستمر في أداء رسالتها التي أراد لها الشيخ -رحمه الله- أن تكون.

والسؤال الآن: أين أثرياء هذا الوطن؟ أليس في سلطنة عُمان ثري توازي ثروته ما كان لدى الشيخ بهوان أو تفوقه في ذلك؟!