هموم الفرق الأهلية

 

 

أحمد السلماني

 

تتفرّد سلطنة عمان عن غيرها من دول المنطقة وحتى العالم بوجود قاعدة واسعة جدا من الفرق الأهلية التي تنتشر في كافة ربوعها وتنشط ثقافيا واجتماعيا ورياضيا، وبدأت في الظهور والتنامي في بداية سبعينيات القرن المنصرم في الولايات البعيدة عن العاصمة مسقط وصلالة وصور والتي وحتى عهد قريب لم تكن للفرق الأهلية لها وجود ولكنها باتت أمرا واقعا احتوته الحكومة بانضواء هذه الفرق، وإشهارها تحت مظلة الأندية ضمن علاقة مؤطرة قانونيا وهيكليا بعد أن آمنت بأهميتها، وأنها أكثر تفاعلا وقربا من مجتمعاتها، وهي أكثر مساهمة في تفعيل الرسالة المنوطة لوزارة الثقافة والرياضة والشباب في الاهتمام بالشباب وهمومه بل إن الفرق الأهلية قد سحبت البساط تماما من تحت الأندية خاصة تلك التي لم يبق منها سوى الشعار وفريق كرة القدم، رغم أن الدعم كله يذهب لها.

ورغم إيمان الحكومة بأهمية هذه الفرق والأدوار الإنسانية والمجتمعية التي تقدمها إلا أنها لا تحظى إلا بالنزر اليسير جدا من الدعم، وأنا هنا لا أتحدث عن الدعم المالي المباشر ولكن من شأن تقديم بعض التسهيلات تخفيف شيء من الأعباء التشغيلية كونها تعتمد في الأساس على الهبات واشتراكات الأعضاء وقلة قليلة منها لديها موارد مالية ثابتة.

إن معاناة هذه الفرق تبدأ في الأساس من إيجاد أو تملّك أرض الملعب ومقر الفريق؛ حيث إن شريحة واسعة منها بلا ملكية للأرض التي قام عليها الملعب وما يتبع ذلك من صعوبة تعشيبه مستقبلا أو الحصول على الدعم المالي أو الاستفادة من منحة الملاعب الخضراء -على سبيل المثال لا الحصر- وبالتالي فإن كيانات لفرق أهلية عريقة مهددة بالزوال أو التوقف، وكان من الأولى أن تتم مراعاة ذلك في المخططات القديمة والحديثة مع التوسع العمراني المضطرد، لذا من المهم بمكان تسوية أوضاع مثل هذه الفرق والحلول كثيرة.

واليوم ومواكبة للتطور واحتياجات الشباب في وجود بنية رياضية جيدة بملاعب معشّبة والمرافق الخدمية الأخرى، فإن الكثير من هذه الفرق الأهلية وبجهود ذاتية مع بعض الدعم من هنا وهناك، فقد قامت بتشييد هذه البنية الأساسية، وقد كلفتها الكثير ودخلت في أتون إجراءات إدارية في كل خدمة تطلبها، فالنادي يطلب رسالة من الفريق ليحيل الطلب إلى دائرة الثقافة والرياضة والشباب بالمنطقة، وهذه تخاطب الوزارة لتوافق أو لا، ومن ثم يحال إلى الجهة الرسمية المكلوبة وهكذا، طالما أن الفريق مشهر رسميا فلماذا هذه الفصول من القصة الطويلة؟

من ضمن التسهيلات التي تحتاجها الفرق الفاعلة تخفيض تعرفة الكهرباء؛ حيث إن فاتورة إضاءة الملاعب وباقي المرافق عالية جدا وتفوق القدرات المالية للفرق؛ حيث إن التعرفة الحالية غير سكنية والشريحة بـ21 بيسة من يناير وحتى نهاية إبريل، وفي الصيف من مايو وحتى نهاية سبتمبر 29 بيسة، ورغم إنها غير معتمدة حاليا، ولكن ما الضير في منح الفرق والأندية التعرفة السكنية.

إن تعشيب الملاعب تحتاج إلى مصادر مياه، وبعضها اضطر إلى استئجار آبار مياه ويدفع لها (قعد) سنوي مكلف، فلم لا يتم تسهيل وإصدار تراخيص حفر آبار مياه للملاعب والجوامع والمنشآت المجتمعية بما لا يضر بالأفلاج، ولا يمر بطلب موافقة وكلاءها، ويمكن لأكثر من 3 فرق الاشتراك في بئر واحدة.

ما الذي يمنع من منح هذه الفرق أراض استثمارية أو توسيع مساحة الأرض الممنوحة للاستخدام التجاري لضمان مداخيل لها؟

كما وعلى الأندية تقديم الدعم للفرق الأهلية، فالسؤال الذي يطرح نفسه، مالذي تقدمه الأندية للفرق الأهلية، بل على العكس تماما؛ فالنادي يطالب الفرق بالاشتراك السنوي، وعليها أن تدفع لأي نشاط او مسابقة يزمع في إطلاقها، وخاصة دوريات كرة القدم، غريب أن أطلب من الفرق أن تدفع عن اللاعب المعار لها من ولاية أخرى، وعليه أن يدفع للإعارة الداخلية ومن ثم ما هو العائد؟! وإذا لم يشترك الفريق ثار عليه لاعبوه أو غادروا لفرق أخرى.

الحقيقة أن الاهتمام والدعم كان متوفرا من الوزارة للفرق الأهلية وخفت في السنوات الأخيرة لدواعي تقليص الموازنات، أما وقد تحسنت الأمور نسبيا فإن دراسة وضع واحتياجات هذه الفرق بات ضرورة ملحة طالما أن الحكومة مؤمنة بأهميتها وقوة تأثيرها مجتمعيا، وعسى أن نسمع عن مكرمة سامية -ليست بعزيزة- للفرق الأهلية تدفع بأنشطتها المختلفة نحو خدمة المجتمع والشباب ويعم نفعها البلاد والعباد، شخصيا أتمنى من أصحاب السعادة المحافظ والوالي ومدير عام دائرة الثقافة والرياضة والشباب بجنوب الباطنة ورئيس نادي الرستاق بزيارتنا في الفريق للوقوف على الشريحة الواسعة التي تستفيد من مرافقه ومسلسل المعاناة اليومي في إدارة الفريق من متطوعين يدفعون من حر مالهم لضمان استمرار الفريق في أداء رسالته المجتمعية ورسالة الوزارة.