عندما تُسيء السياسة إلى الأديان

أنيسة الهوتية

"قطارُ الأموات من لاهور إلى دلهي"، عنوانُ مُدونةٍ كتبتها في 19 أبريل 2011، وقد تدارك العنوان والموضوع لذهني عندما قرأتُ التغريدات المُتداولة للسياسيين والتُجار الهندوس عن أشرف خلق الله تعالى سيدنا ونبينا وحبيبُنا مُحمد -عليه وعلى آله أزكى الصلاة والسلام- المُبشر به في الكُتب السماوية قبل أن يُخلق، والتغريدات المُرتدة من المُسلمين على اللادينيين؛ فالهندوسية ليست دينًا وإنما مذهبٌ فكريٌ فلسفيٌ استعباديٌ طائفيٌ طبقي.

وتذكرتُ كمية الحقد والكراهية التي انصبت من الهندوس البراهمان، والدارما، والسيخ، والبوذية، وغيرهم من جميع مذاهبهم الفلسفية التي تنبع وتصب في الهندوسية أو تُقاربُ لها-رُغم اختلاف مجاريها- على المُسلمين! ويؤكدُ التأريخ أن الجميع كانوا في كفة والإسلامُ لوحده في كفة؛ فدولة هندوستان كانت تعجُ أيضًا بالمسيحيين، واليهود، وغيرهم!

وبدأ ذلك بفتيلٍ أشعلتهُ دولةُ الاستعمار ثُم نفخها من الرُمة الموالين لها، فعند شُعورهم بخطورة المقاومة والثورة الهندية الأقوى القادمة ضد الاستعمار البريطاني والتي نُظمت أُولى حركاتها بين مُسلمي البنغال، وثُم مُسلمي المُغل، والنواب، فكانوا هُم الأكثر سياسةً وقوةً وشجاعةً وتكتيكًا خاصةً مع مؤآزرة مُسلمي الفُرس واختلاطهم التجاري بمُسلمي السند، وبعد تسريب المعلومة من الخونة، أتت الخُطة المُرتدة بتفجير قنبلة الفتنة على المُسلمين وضرب الجميع بهم حتى يسلم الاستعمار ويستمر.. ونجحت الفتنة وانقسمت هندوستان إلى (هندوستان للهندوس وغيرهم، وباكستان للمسلمين) رسميًا في 15 أغسطس 1947م- ثم تلتها البنغال والنيبال- والاستعمارُ أعلن انسحابهُ عندما رأى أن تلك الأرض مشتعلة بما فيه الكفاية، وتركتهم يحترقون في النار التي أشعلتها فيهم.. وآخر قطار تصفيةٍ للهندوس إلى هندوستان من باكستان كان بتأريخ 19 سبتمبر، ووصل إلى دلهي من لاهور وليس به إنسانٌ حي أبدًا، فاستشاط الهندوس وهجموا على القطار الخارج من دلهي إلى لاهور، وعلى كل مسلمٍ بقي في بيته ولم يُهاجر، فاغتصبوا نساءهم وصبيانهم وقتلوهم وحرقوهم ولم يرحموا صغيرًا ولا كبيرًا. وأصبحت تلك العداوةُ مُستمرة إلى يومنا هذا، ليس فقط بين المسلمين والهندوس- المسالمين مع اليهود والمسيحيين-، بل بين الدولتين المنقسمتين وحكومتيهما.

وفتنة الدين هي أقوى فتنة استُخدمت تأريخيًا على مر الزمان والأسرعُ اشتعالًا وحرقًا للأخضر واليابس، والإنسان المُسلم حقًا سيغلي دمهُ إن سمع ذمًا للرسول، تهونُ عليه نفسه ويسامحُ إن تأذى فيها ولكنه هيهات أن يسامح في رسوله.

أما عن سائسي الهندوسية وتعليقاتهم حول زواج الرسول -صلى اللهُ عليه وسلم- بالسيدة أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها وأرضاها- في سنٍ صغيرة؛ فإن الردود العقلانية هي التي ستؤودُ فتنتهم في كبدهم وليس الغضب والشتم والتعدي عليهم فهذا هو بالضبط ما يسعون له بإستفزازهم حتى يؤكدوا أن المُسلمين ضرارٌ شرارٌ "إرهابيون"!

ولا يكونُ الردُ على المُستعبدين فكريًا بفلسفة تعدد الآلهة -وعبادتهم للشخصيات الخُرافية المذكورةُ في ملحماتهم الأدبية من "غانيشا"، و"شيفا"، و"كريشنا"، و"فيشنو"، و"كالي"، و"لاكشمي"، و"دورغا"، و"راما".. إلخ، حسب الحاجة منهم ومن قواهم، أو بطاعة الطائفة الأقرب إليهم بمختلف طبقاتهم العنصرية من الأعلى درجة "البراهمن" رجال الدين والعلم المعروفين بلونهم الأبيض وإن كان هُناك عالمٌ غيرُ أبيض فهو ليس برهميًا!! و"الكشتريا" طبقة المحاربين والحُكام أصحابُ الأجسام القوية، و"الويشيا" طبقة الحرفيين والتُجار بأصابعهم الطويلة الأنيقة، و"الشودرا" طبقة الخُدام والعُمال والذين وُجب عليهم السُجودُ للطبقات العُليا ولمس أقدامهم لنيل بركة ورضا الآلهة!- إلا بفلسفتهم.

فنُذكرهُم بملحمة "الراماينا" وإنقاذ الإله "راما"  لزوجته "سيتا" من الشرير "رامن" بمساعدة الإلهين "هانومان" و"لاكشمن" أخاهُ، وبإقتباس: "تزوجها وهي وردةٌ عشريةٌ نديةٌ لم تتفتح بعد".. (وعشريةٌ أي في العاشرة من عُمرها)!