بعد التوجيهات السامية بإعداد خطة تنفيذية متكاملة لتطوير التعليم والتدريب المهني

متخصصون: التعليم المهني يضمن مواكبة الخريجين لمتطلبات سوق العمل ويدعم جهود توطين الوظائف

الفارسي: التعليم المهني له دور في النمو الاقتصادي

الجساسي: من الضروري العودة إلى الخيارات المهنية

البلوشي: التدريب المهني يسهل عملية الانخراط في سوق العمل

العمرية: نحن في أمسّ الحاجة إلى التعليم المهني

الرؤية- ناصر العبري

بعد صدور التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- بإعداد خطة تنفيذية لقطاع التعليم والتدريب المهني لرفد سوق العمل بالكفاءات الوطنية الماهرة وتوجيهات جلالته بإعداد خطة تنفيذية متكاملة لتطوير هذا القطاع بالتعاون مع بعض المؤسسات الدولية، وباستكمال إعداد مسار التعليم التقني، أجمع متخصصون وتربويون أهمية تنفيذ التوجيهات السامية لضمان مواكبة الخريجين لمتطلبات سوق العمل.

ويؤكد الدكتور حكم الفارسي مدير عام مساعد للتعليم في المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة الظاهرة أن التعليم التقني والتدريب المهني له دور كبير في إعداد الكوادر الوطنية المتميزة التي تساهم في تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع، وتلبي احتياجات سوق العمل.

 

ويشير الفارسي إلى أن توجيهات جلالة السلطان– أعزه الله- فيما يتعلق بمجال الشباب والعمل؛ جاءت للإسراع في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحليل الاحتياجات والمتطلبات الضرورية؛ لتطبيق التعليم التقني والتدريب المهني في التعليم ما بعد الأساسي بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل، واحتياجاته المستقبلية والمهارات الأساسية للوظائف والمهن المختلفة، وأهمية تبني منهجية، ووضع خطة متكاملة لآلية تطبيق ذلك وتحديد الخبرات والموارد البشرية اللازمة في هذا الشأن، مؤكدا أن التوجيهات السامية تعد ترجمة لما أكدته رؤية عُمان 2040 من أهمية "إيجاد مناهج تعليمية مُعززة للقيم، ومراعية لمبادئ الدين الإسلامي، والهُوية العُمانية، ومُستلهمة من تأريخ عُمان وتراثها" ومواكبة لمتطلبات التنمية المُستدامة ومهارات المستقبل، إلى جانب ما نصَّت عليه الاستراتيجية الوطنية للتعليم 2040.

ويؤكد الفارسي أن الوقت الحالي يحتاج إلى مخرجات ما بعد التعليم الأساسي، التي هي ذات مسارات مهنية وتقنية واضحة ومحددة تلائم كافة الرغبات والقدرات، مما يسهل من عمل المؤسسات التعليمية العليا، ويكسب طلابها المزيد من التعلم والتأهيل لتجويد مساراتهم، مضيفا إلى أن التعليم ما بعد الأساسي متعدد المسارات هو ما تعمل به أكثر دول العالم، حيث عملت على توسعة سوق العمل وتنظيمه وساعدت على توفير نفقات التدريب على رأس العمل أو النفقات التي تدفعها الدولة لمعاهد التدريب، وتغلبت على العديد من مشاكل التجسير، واستكمال الكفايات لدى الكوادر البشرية وصقلها بالمعارف والمهارات اللازمة للانخراط في سوق العمل وفق ما تفرضه مستجدات الحياة العصرية.

ويرى أن مواءمة وتكامل الأنظمة التعليمية مع سياسات وأنظمة سوق العمل يصب في صالح زيادة واستقرار العمالة الوطنية، وفي صالح الأهداف الكبرى للاقتصاد الوطني وتنويع العمل ما بين المهني والفني والتقني والأكاديمي، وامتصاص واستيعاب كافة الكفايات والقدرات الوطنية في سوق عمل متنوع ينمو باستمرار، وكذلك سيعمل على زيادة الاستثمار في مختلف القطاعات الاقتصادية وتنوعها لرفد الاقتصاد الوطني وبالتالي تعزيز قوته.

ويشدد الفارسي على ضرورة إعداد مناهج دراسية تتماشى مع المهارات المطلوبة لدى مخرجات التعليم المدرسي وسوق العمل في ظل التقدم العلمي والتكنَولوجي والذكاء الاصطناعي وتمهين التعليم والتخصصات الدقيقة؛ لأن تلك المهارات تعتبر من المهارات الأساسية في التعليم المهني والتقني كمسار آخر من مسارات التعليم ما بعد الأساسي، والذي يقوم على إعداد أفراد متعلمين وقوى عاملة ماهرة، وتأهيلهم للوظائف التي تعتمد في أساسها على الأنشطة العملية والمهنية، ضمن برامج تشمل المهارات التقنية والمعرفة العملية والنظرية، بالإضافة إلى المهارات الشخصية والتربوية"، الأمر الذي يؤدي إلى تلبية احتياجات قطاعات العمل المختلفة من كوادر فنية ذات مهارات مهنية وتقنية بما فيها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

ويقول الدكتور عبدالله الجساسي إنه لا بُد من التركيز على التعليم التقني والتدريب المهني وتمكين الطالب من رسم ملامح مستقبله بما يتناسب مع ميوله ورغابته، موضحا أن الكم الهائل من الدروس التي عفى عليها الزمن لن يكون لها أي دور في تنمية الوطن، وسوف تقف عثرة أمام التحول الحقيقي للتعليم في السلطنة.

ويرى أنه من الضروري العودة إلى الخيارات المهنية التي كانت موجودة سابقا مثل: التعليم المهني والتعليم الزراعي والتعليم التجاري؛ لأن هذه المعاهد كان لها دور في تخريج دفعات من الفنيين ورجال الأعمال، بالإضافة إلى التركيز على فتح مجالات الابتكار وريادة الأعمال والعمل الجاد لدعم الطلبة الموهوبين وفتح مراكز خاصة للطلبة الأكثر تميزا وتنمية مهاراتهم ودعمهم ماديا ومعنويا.

ويطالب الجساسي بضرورة إتاحة مجالات التشغيل والتوظيف حتى يمتلك الطلاب الحافز نحو التعلم والابتكار، بالإضافة إلى رصد ميزانية خاصة للابتكار العلمي الحقيقي وتحفيز أصحاب الأفكار وذلك من خلال نقل الخبرات من الدول الأكثر تقدما وليس من الدول النامية والتي تعاني من الأزمات الاقتصادية والسياسية.

ويتحدث الدكتور يوسف البلوشي -أخصائي تدريب مهني- عن أهمية قطاع التدريب المهني في أي دولة تتطلع إلى التقدم والتطور، معتبرا أن قرار إعداد الخطط التنفيذية المتكاملة لتطوير قطاع التعليم والتدريب المهني بالتعاون مع المؤسسات الدولية المتخصصة في هذا الشأن من المؤشرات الجيدة لجودة هذه الخطة، وأن سلطنة عمان ستستفيد من عملية التنفيذ والتطوير من المؤسسات الرائدة والتي قطعت شوطا كبيرا في هذا المجال، الأمر الذي سيكون له الأثر في جودة المخرجات.

ويوضح أن التدريب المهني من الأمور المهمة؛ لأنه يعود بالفائدة الكبيرة على الفرد وعلى العمل وعلى المجتمع كاملا؛ حيث إنه يعطي الأفراد المهارات اللازمة للانخراط في سوق العمل والإنتاج وسد الفجوات التي تطلب الاستعانة بعمالة وخبرات خارجية.

ويشير البلوشي إلى أن من المتوقع أن يكسب هذا التدريب المخرجات في تقديم خدمات ومنتجات ذات جودة تغني المجتمع عن الحاجة إلى الاستيراد من الدول الأخرى، كما أنه يساعد في زيادة حجم الصادرات ويقلل من الاعتماد على قطاع النفط كمصدر رئيس في الدخل القومي، وأنه من يتوقع أن تشمل الخطط توفير مخرجات قادرة على المنافسة والتعاون وحل المشكلات واتخاذ القرارات في بيئة العمل، الأمر الذي يساعد في قهر التحديات وزيادة الإيجابية وزيادة نسبة المبادرات في رفد سوق العمل بمنتجات إبداعية، كما يتوقع أن تشمل الخطط إكساب الشباب الخبرات اللازمة للدخول إلى سوق العمل بثقة وبخطوات مدروسة بعناية بحيث تزيد الربح وتقل نسبة الخسارة وذلك من خلال الخطوات العملية الموثوقة التي ستسير بها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

 ويؤكد أن القرارات الصادرة من مجلس الوزراء في هذا الشأن، ستفتح آفاقا جديدة للطلبة الراغبين في اتخاذ طريق التعليم التقني، وستغذي الكليات المتخصصة بالتدريب التقني بمخرجات أكثر جاهزية وأكثر كفاءة في الدخول إلى هذا المجال، الأمر الذي سيكون له الأثر القريب في رؤية مخرجات وطنية متخصصة وذات جودة في مختلف المجالات التي يحتاجها سوق العمل الحالي والمستقبلي.

ويرى سعيد المزروعي -مشرف أول توجيه مهني- أن استكمال إعداد مسار التدريب المهني يدل على اهتمام جلالة السلطان بمواكبة متطلبات بناء وتطوير مخرجات التعليم و ذلك لمواكبة التطور السريع في مجال العولمة والذكاء الاصطناعي وتوجه العالم في المجالات التقنية والمهنية حتى يفي بمتطلبات سوق العمل في الوقت الحالي والمستقبلي.

ويوضح أن التعليم يجب أن يتطور و يتغير بما يوافق سوق العمل ويركز على الجوانب التقنية والمهنية وليس على الجانب المعرفية فقط، وأن هناك مسارات تعليمية متنوعة حسب القدرات والمهارات التي يمتلكها الطلاب.

ويقول بدر الهميمي -أخصائي توجيه مهنيّ بمدرسة بلعرب بن سلطان بتعليمية الداخلية- إن إعداد الطلبة وتعليمهم بعض المهارات المهنية من متطلبات المرحلة القادمة تساعدهم في اكتساب المهارات التي يطلبها سوق العمل، والمهمة لتطوير بعض الحرف وإخراجها بما يتطلب التغيير المتسارع في المجتمع مثل: إنشاء شركات طلابية أو تنفيذ بعض الورش البسيطة وكذلك عمل شراكة مع أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لعمل بعض البرامج في التقنية الحديثة والآلات المتطورة أو تنفيذ الزيارات الميدانية والمسابقات على مستوى المحافظات أو السلطنة 

ويشير عيسى الراجحي -مشرف توجيه مهني  بتعليمية الداخلية- إلى أن التدريب المهني من أهم المسارات التي يجب التركيز عليها خصوصا لهذه الفئة من الطلبة؛ لأنه يساهم في صقل مواهب الطلبة وتطوير مهاراتهم المختلفة، مطالبا بالتعجيل في فتح هذا المسار التعليمي نظرا لأهميته، ومن أجل تعمين الوظائف الموجودة بسوق العمل.

وتقول زوينة العمرية -مشرفة توجيه مهني بتعليمية الداخلية- إن إتاحة المجال لظهور المسار المهني سيفتح آفاقا واسعة للتدريب والعمل في قطاعات العمل المهنية، مضيفة: "نحن بأمس الحاجة إليه في الوقت الحالي لتلبية متطلبات سوق العمل وتدريب الكفاءات باحترافية عالية تمكنهم من السير قُدما نحو متطلبات حاجة السلطنة من هذه التخصصات".

تعليق عبر الفيس بوك