بوح قلم

 

وداد الإسطنبولي

أنا وقلمي وعقلي مدووش؛ أحمل معي محبرتي وأركض بها لأحتضن زاوية وأكتب شيئًا يستحق القراءة ويستحق جهدي، وعناء تعب احتضان قلمي  بين راحتي، وانحناء سنه على السطور ليرمي بهمي وهمه، لا أفتقر إلى الخيال في كتابة ما أشاهد من واقع ملموس بين أعيننا ولكن أفتقر إلى مصداقية نفسي في أن أكتب عن واقع حقيقي دون أن أشعر أني أختبئ أو أتوارى من عدم قدرتي على ترتيب الحقيقة على العيان.

يقولون: "خادم القوم سيدهم"، وأنا الآن لست حتى خادم نفسي بأن أضع على طاولتي ما أدون وما يستحق تقديمه.. أراني عزوفة عن القيام بأبسط خدمة أقدمها لحقيقة ما نرى ونشاهد.

أحاول أن أكتب بوضوح لأصل إلى هدف أحققه من خلال البوح الفاضح، ولكن أتوقف عن محاولة الدفع لأعيش آلام المخاض وأكابد معاناة ما يعانيه الآخرون حولي. لأهنأ في رفاهيتي قائلة: ليس لي علاقة.

وأواصل الانطلاق لأسعى للنجاح في أبسط شيء لدي قلم وورقة ولكن أفقد الإيمان خوفا من تلك الأعمدة الحديدية، والسلاسل المقيدة.

ليتني أقرأ عباراتي وأجد منها ما أريد من متنفس أو رائحة تثير في نفسي عبق الحياة، فلا أجد إلا رائحة الأنانية واسترخاء مقيت، وأغلق عينيي وأركز على رغباتي الخائفة فقط.

هذا هو الاغتيال الحق؛ اغتيال النفس بين ظلمة لا يعلو فيها صوت الحق، ولا أدري متى نكون مسؤولين عن نور ظلمتها ونكتب بوضوح عما يخالج أنفسنا! فأيهما أشد صعوبة من يغتال بين ظلمة يعلو فيها صوت الحق؟ أم من تغتال نفسه نفسها عن قول ما يراه من وقائع.. ومن المقلق المرتجف العين التي جفَّ بكاؤها على الغائب على الضفاف؟ أم من يشاهد بعينه الحقائق ويثور ثورة البركان الخامد قد تعّود على الركود.

أنت أيها القلقان هنا وجرحك عميق ويسيل على الاغتيال والأنين، كن كما هم يحملون شهادة اليقين تحمل عنوانا... هذا قدرهم منذ آلاف السنين.

وماذا تكتب على هامش الورقة!

حذاء على الرأس وقبعة تحت القدم، أكرمكم الله.