"كونجرس الصحفيين".. بين حرية التعبير والعدالة

منى المعولية

تستعدُ سلطنة عُمان، ممثلة في جمعية الصحفيين العمانية، لاستضافة كرنفال إعلامي مهم، وهو اجتماع الاتحاد الدولي للصحفيين أو ما يُعرف بـ"الكونجرس"، الذي سيحضره  قرابة 300 صحفي من 100 دولة من أنحاء العالم، تتخلله انتخابات مجلس إدارة الاتحاد، وذلك نهاية شهر مايو الجاري.

هذه الاستضافة تُمثل دليلًا على اكتمال المقاييس السياسية والحقوقية (حرية الصحافة وحرية التعبير) اللازمة لعقد مثل هذه المحافل؛ الأمر الذي يؤكد استيفاء سلطنة عُمان لهذه المقاييس. والصحفيون كالفراشات الحرة في الهواء الطلق والمروج الواسعة، تتمنى أن تشكل موادها الإعلامية والإخبارية دونما أية حواجز، ولربما لو تهيأت لها الظروف لما كان سقف السماء يعد آخر ارتفاع ترنو إليه، غير أن رياح الحياة والواقع لا تسير دائمًا وفق رغباتنا وأحلامنا، لذا لا بُد من اصطدامنا بحواجز صنعتها الأُطر والقوانين والتشريعات التي تحمي حريات الآخرين وحقوقهم، ومن هنا ندخل في تضادٍ قد يُولد صراعًا أحسبه منطقيًا!

وبين الحرية المطلقة ومخالفة القانون خيطٌ رفيعٌ، في طرفه مزيج من الرغبات والأمنيات، وعلى طرفه الآخر المقتضيات القضائية والعدلية، فنبقى في حيرة بين النشر واللانشر، خصوصًا فيما يتعلق بالمواد الصحفية التي لا تسوغ القوانين نشرها لأسباب قضائية وعدلية، الأمر الذي يوقع بعضنا في حالة  من الضياع.

ورغم أن مكافحة الفساد مطلب شعبي ومصلحة وطنية ويصب في غايات الأمن الوطني، إلّا أن الإساءة للسلطة القضائية وضرب قراراتها بعرض الحائط، يُقوّض جهود ترسيخ دولة المؤسسات والقانون، ويطعن العدالة في مقتل. وعليه.. حتى نحارب الفساد، علينا أن نحترم القرارات القضائية.

وفي الختام.. نرجو من بلادنا الحبيبة أن تعفو عن زِلات الصحفيين، خاصة غير المقصودة والتي لا يحمل أصحابها أهدافًا سياسية أو شخصية؛ فالرحمة والعدالة روح القانون وغاية القضاء، ولا يعلو القانون إلا القانون.

إننا لنتطلع لأن تحتضن سلطنتنا الحبيبة هذا الحدث الإعلامي الكبير دون منغّصات، وأن نُثبت للعالم أجمع أن صحافتنا تسيرُ من أفضل إلى أفضل، في دولة المؤسسات والقانون، و"عفا الله عما سلف".

كحامل لثياب الناس يغسلها // وثوبه غارق في النجس والرجس

تبغي النجاة ولم تسلك طريقتها // إن السفينة لا تجري على اليبس

(الإمام الشافعي)

تعليق عبر الفيس بوك