إلى روح الشهيدة شيرين أبوعاقلة

 

سمير الهنائي

abunamir.mms@gmail.com

 

 

يقول الشاعر الشهيد عبدالرحيم محمود في قصيدته "حمى فلسطين"

فإما حياة تسر الصديق

وإما ممات يغيظ العدا

ونفس الشريف لها غايتان

ورود المنايا ونيل المنى

 

مع بدايات بزوغ الصحن الفضائي المنزلي (عربسات) ظهرت قناة الجزيرة في مُنتصف التسعينيات وكنَّا  في بداية شبابنا حينها نشاهد تغطية شيرين على شاشتها تُنادي من القدس عاصمة فلسطين لتستمر رسالتها سنوات طويلة حتى فجر صباح يوم الأربعاء 11 مايو2022م وفي آخر تقرير لها على البريد الإلكتروني لقناة الجزيرة.

من طولكرم ومن جنين، بيت لحم، من الخليل، إلى رام الله، هنا القدس... شيرين أبوعاقلة.

ومن الهندسة إلى دراسة الإعلام والذي ربما كان قدرها، أوإرادتها وشغفها من أجل القضية الفلسطينية فما كان منها إلا أن تختار ذلك الطريق مثل أي فلسطيني حر وعربي شريف يدافع عن بلده ووطنه حتى يجلي آخر محتل من أرض فلسطين.

فلا يملك الفلسطيني سوى دمه ليُدافع به عن بلده بعد التخاذل العربي فبالدم وحده يسطر الشعب الفلسطيني ملحمته الوطنية ومن هذا الدم تسري الجينات الوراثية للأجيال حتى التحرير؛ فسوف يستمر الفلسطينيون بالنضال والمقاومة مهما كانت ضريبة الحرية والعزة مكلفة فأطفالهم وأولادهم وشيوخهم ونساؤهم فداء فلسطين بأكملها لطرد المستعمر، كما سيكون الشهداء نبراسا للأجيال في سبيل النضال وطريق الحق، وستكون المقاومة بكافة صورها وأشكالها مستمرة ومتوارثة جيلاً عن جيل حتى يُحقق الفلسطينيون طموحاتهم وحقوقهم المشروعة وما يصبون إليه كشعب وأمة حرة ذات سيادة مستقلة.

ودّعنا إنسانة اختارت العزوبية لكي تخط طريق النضال من أجل قضية وطنية فهي لا تُريد الزواج برجل خائف عليها وهي تحت القصف، كما كانت تردد في إحدى المقابلات التليفزيونية والصحفية ولاتريد أن تكون أماً وهي ذاهبة لأرض المعارك والخطر، وكأنها خلقت لتكون صوت فلسطين للخارج فلقد كان القدر حليفها طوال سنوات من العمل الصحفي بعدما عاشت تحت القصف والقنابل والغاز المسيل للدموع على مدى أكثر من 25 عامًا.

فاليوم إن شيرين أبوعاقلة تبعث آخر تقاريرها إلى العالم الصامت: نحيا ونموت هنا وستبقى فلسطين دولة عربية والكيان الصهيوني محتل وهو هش زائل ذات يوم.

شيرين أبوعاقلة الجزيرة فلسطين.. وداعاً لهذا الصوت الحر وسلاما لشهيدة الكلمة إلى يوم يبعثون.