الحمدلله على السراء والضراء

 

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

 

 

نعلم تمامًا أنَّ دنيانا هي الحاضنة لكل مخلوقات الله جلَّ جلاله، ونعلم بأنَّ هناك تواجد للجنسين عليها وتفاعل بينهم مُستمر لا ينفك طرف عن الآخر، وكلا الجنسين أمرا من لدن خالقنا تبارك وتعالى، أن يعيشا معًا لإعمار الحياة بالخير والازدهار والتطور، وإحقاق الأمن والعدل والمساواة عليها، وليكونا الخليفة البشرية التي مكنها رب العزة والجلال أن تكون في الأرض وفي هذا الكوكب نافعة لا ضارة، وبانية لا هادمة، ومنفذة لمراد الله تعالى، وساعية إلى أن تقوم الساعة إلى إعماره بكل ما فيه خير الإنسانية وصلاحها، فالله جلَّ جلاله ربي وربكم قال ﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾.

وجزءٌ من الهدف من هذا التكليف لهذا الإنسان الذي أصله الطين والتراب والماء، هو أيضًا العبادة المطلقة ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ ثانيا أن يكونوا خيرا على الأمة وناسها، لا شرا ووبالا عليها، وأن ينهجوا إصلاح أرضهم، وكشف أسرارها، والقيام بأعمال صالحة، تتعاضد وتتكامل مع بعضها البعض، طبعاً مع الصبر على تبعاتها وتكاليفها ومشقاتها، وجعل الصلة بالله تعالى هي الأمل والحب والرجاء والتسامح والنجاح، والسعادة في الدنيا والآخرة.

وفي هذا السياق، فإن هذين الجنسين عاشا منذ أيام، أياما معدودات، خلال شهر رمضان الفضيل المبارك، شهر القرآن والإحسان والقيام والبر والجود، وتصافي الأنفس وتصالح القلوب، هذا الشهر الذي بانقضاء ومعه عيد الفطر، كانا فيهن ما فيهن من الأعمال الصالحة والقيم الإنسانية الجميلة النبيلة، والتقرّب إلى الله عز وجل، الذي لا ريب شهده الأول، ففيه من استغل أيامه وساعاته وأوقاته، واجتهد وأقام ليله، واظمأ نهاره، فاستبشر فيه بعض المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، بشائر خير وبركة وعطاء، والبعض الآخر عاش الذل والهوان والفقر المدقع، والحرمان والشوق للحرية وإلى الصحة والعافية.

وحينما نعلم بأنَّ الحياة شراكة في السراء والضراء، وأن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية صنعة إلهية طبقا لإرادته سبحانه، فإنه جعلنا "ليَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا" تم تسخيرنا لإنجاز وإتمام أشياء كثيرة، منها رفع الظلم عن الغير، والإحساس بالمحرومين، والتفكر في المسجونين، وتعديل أوضاع الآخرين كالفقراء والمحتاجين والمعوزين وغيرهم.

وبانقضاء شهر رمضان الفضيل والعيد، نكون قد كتبت لنا بعدهم حياة جديدة، وبدأنا فيها مرحلة عمرية ستجدد بما هو مقدر ومكتوب لنا، راجين أن يكون ما كتب لنا ولكم وعليكم وعلينا، كله خير وبركات، ومسرات ونجاح وفوز وأعمال صالحات، وأدعو الله جلت قدرته أن يحفظكم أختي أخي القارئ في أوقاتكم القادمة، وأعماركم اللاحقة من كل سوء وشر ومكروه، وأن يديم عليكم الصحة والعافية وراحة البال والاطمئنان، وأن يبارك لكم وبكم وإليكم وحولكم وعليكم ومنكم وفيكم، وفي أولادكم وأهل بيتكم وساكنيه وداخليه، وأن يبارك كذلك في أرزاقكم وأعمالكم وأعماركم وعلمكم، وكل ما أنعم به الله تعالى عليكم، وأن يسهل لكم أموركم ويحسن لكم القضاء، ويبعد عنكم الشقاء، ولا يمر عليكم يوم، إلا وأنتم في خير ونعمة وصحة وعافية وسلامة، وسعادة وراحة وهمة ونشاط وخير وبركة، فهذا ما نتمناه ونرجوه لكم.

إن الأيام تجددت، والأحوال تغيرت، والظروف ما عادها تيسرت، إلا إن حسن الظن في الله تعالى أمر واجب اتباعه، فمن كان جوادا وشخصية خيرة في شهر رمضان المبارك، فشهر رمضان انتهى ونسأل الله تعالى أن يلاقينا به أعواما مديدة وأزمنة عديدة.

ورب الشهور كلها باقٍ، وأعمال الخير باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فإن لم تكن أنت أهل الخير والكرم وخدمة الناس ومساعدتهم والوقوف معهم والتفريج عنهم، فهناك غيرك اختصهم ربي تبارك في علاه لقضاء حوائج الناس فحببهم في الخير وحبب الخير إليهم وهم الآمنون من عذاب الله يوم القيامة.

إن فعل الخير لا ينتهي بانتهاء أي شهر، ونعلم أنه قد مات قوم وما ماتت مكارمهم، وعاش قوم وهم بالناس أمواتُ!

تعليق عبر الفيس بوك