لماذا ينبغي على المديرين التقليل من الاجتماعات؟

 

د. مبارك بن خميس الصلطي **

** دكتوراه إدارة أعمال

 

تمثل كثرة الاجتماعات التي يعقدها المدير مع موظفيه أساسية في كل القطاعات، وقد تفسر ندرة الاجتماعات بعدم قدرة المدير على إدارة الفريق، وعلى الجانب الآخر يُنظر للموظف الذي يتغيب عن حضور الاجتماعات بقلة اهتمامه بالعمل.

وفي عام 2020 فاجأت منصة "زووم" للاتصال المرئي، الكثير من المتابعين عندما ذكرت أن ما يقارب 300 مليون إنسان حضروا اجتماعات عبر المنصة، والكثير منهم قد حضر بشكل أسبوعي. ومع معرفة الجميع أن الاجتماعات تأخذ الكثير من وقت العمل، خاصة التي يحضرها أعداد كبيرة تقارب أو تتخطى خمسة عشر شخصاً، إلا أنها تستمر ويستمر معها هدر الوقت!

ووجدت دراسة أن الاجتماع المجدي والذي تطرح فيه حلول وأفكار خلاقة يحوي فقط من خمسة إلى ثمانية أشخاص فقط. وخلاف ذلك تتخطى الاجتماعات الوقت المقرر لها في معظم الأحيان، مما يتسبب في الشعور بالإحباط وعدم وجود الوقت لسماع وجهات نظر البعض.

وأثبتت دراسة قادها ثلاثة من الباحثين في علم النفس هم whillans,feldman and wisniewski في مقال منشور على الإنترنت بموقع "هارفارد بزنس ريفيو" أن هناك أسبابا نفسية وراء عقد الاجتماعات الكثيرة، مع تقديم استراتيجيات مدعمة بأبحاث تساعد الموظفين والمديرين وكل أفراد المنظمة للتقليل منها قدر الإمكان.

1- عدم حضور الاجتماع يعني قلة الإنتاجية، ويتعزز هذا الاعتقاد عندما لا يتم الأخذ برأي الموظف الغائب.

ينصح مؤلفو الدراسة في هذه الحالة الموظفين الذين يعتذرون عن الحضور بأن يدلوا بآرائهم أو تصوراتهم قبل الاجتماع. كما يسود اعتقاد لدى بعض المديرين بأنَّ إسقاط اسم شخص من الاجتماع بمثابة إهانة لذلك الموظف مع علم المدير أن حضوره أيضاً به مضيعة للوقت، وذلك لأن الاجتماع لا يتعلق به. وينصح المديرين في هذه الحالة بتوضيح أهمية قيام الموظفين بأداء مهامهم وبأن بقاء بعض الأسماء خارج الدعوة للاجتماع لا يعني سوى تقدير المدير لأولوياتهم وبأنَّ الأبحاث الإدارية تدعم  بأن أكثر الموظفين إنتاجاً هم الأقل حضورا للاجتماعات وتخصيص ذلك الوقت لإنجاز المهام المطلوبة منهم.

2- حضور الاجتماع من قبل الموظف يساوي الالتزام بالمشروع:

وترتبط فكرة حضور الاجتماعات داخل العمل بمسألة الالتزام، مع أن عدم الحضور لا يعني عدم الاهتمام بالمُهمة؛ بل العكس تماماً هو الصحيح. وحتى مع إنجاز المهمة بنجاح يتم الاتفاق بين أعضاء الفريق المكلف بالمشروع بأنه سيتم إلغاء الاجتماع ويتم الاكتفاء بإرسال تهنئة عبر البريد الإلكتروني لأعضاء الفريق من الموظفين. وبهذا يتم توفير ساعات طويلة في مناقشة ما هو معروف سلفاً مثل مراحل المشروع، لكن في حالة لم ينجز المشروع في الوقت المحدد قد يكون الاجتماع مفيداً لإعادة توحيد الجهود وتذليل الصعاب، وقد يكون التقصير من عضو في الفريق وليس الكل، هنا على المدير مراجعة ذلك العضو دون هدر وقت الكل.

3- الإحساس بتحقيق إنجاز رغم حدوث العكس.

مع زيادة الضغوطات التي تترافق مع المهمات الموكلة للموظفين، ترتبط فكرة حضور الاجتماعات الدورية بتحقيق إنجاز ما، مع أن المهمة لم تكتمل بعد، كما يحتاج أعضاء الفريق لكل ساعة من أوقاتهم في إنجاز المشروع، وبدلا من ذلك يقوم قائد الفريق أو المدير بتأجيل الاجتماع ثم يلاحظ ماذا يحدث، فإن سارت الأمور بطريقة طبيعية يقوم بتكرار ذلك كلما شعر بعدم جدوى الاجتماع وبهذا سيوفر ساعات طويلة من الاجتماعات غير الضرورية تستغل في إنجاز المشروع.

4- سكوت الأغلبية.

قد تطول فترة الاجتماع وتمتد لساعات مع وجود شعور لدى أحد الأعضاء بعدم جدوى الآراء المطروحة، وبأنه الوحيد الرافض للفكرة وبالتالي يتجنب المواجهة والاعتراض.

ويوجد مصطلح  في علم النفس الاجتماعي يدعى "تجاهل الأغلبية" وهي حالة يرفض فيها الأغلبية سلوكًا معينًا، ولكن يفترضون أن معظم الأشخاص الآخرين يتقبلونها (المصدر: ar.m.wikipedia.org) ويفسر سكوتهم بأنَّه موافقة على ما يقال أو يطرح من مواضيع. والحقيقة أنهم يتجنبون المجاهرة بالرفض أو الاعتراض! ولو أبدى أحد الموجودين رأيه ربما تشجع الآخرون على توضيح وجهات نظرهم أيضًا.

لكن.. متى يكون عقد الاجتماع غير ضروري؟

إن لم تكن الاجتماعات فرصة مناسبة لتنشيط الذهن حول اقتراح حلول إبداعية لمشكلة ما، أو تقوية العلاقات بين أعضاء الفريق وتحقيق الإجماع حول نقطة معينة يريد أن يعتمدها قائد الفريق قبل الانتقال إلى مرحلة أخرى في المشروع، فإن غير ذلك يمكن لقائد الفريق اعتماد وسيلة أخرى للتواصل مع أعضاء الفريق مثل مكالمة جماعية لأعضاء الفريق لمدة 10 دقائق.

مما سبق نستنتج أن، كثرة الاجتماعات قد تأتي بنتائج عكسية ولها تأثير سلبي مثل زيادة القلق والاحتراق الوظيفي وهو مصطلح يُقصد به: "الإنهاك الوظيفي وهو نوع خاص مرتبط بالعمل، وهو حالة من الإرهاق البدني أو النفسي تتضمن إحساسًا بتراجع الإنتاجية وفقدان الهوية الشخصية"، مما يؤدي للتعب والإرهاق الجسدي، ويشيع الاكتئاب وكثرة الأخطاء بين أعضاء الفريق.

خلاصة القول.. ينبغي التقليل من الاجتماعات بقدر الإمكان واتباع الأساليب الإدارية الحديثة من أجل تحسين الأداء وزيادة الإنتاجية.

 

*******

المصادر:

  1. الاحتراق الوظيفي: كيفية اكتشافه واتخاذ اللازم إعداد فريق مايو كلينيك www.mayoclinic.org
  2. Science -backed strategies

confront meeting overload، June 2, 2021.www.ukg.com

  1. The psychology behind meeting overload.by ashley whillans, Dave Feldman, and Damian Wisniewski. November 12, 2021 (www.hbr.org).
  2. Meeting overload is burning your team out: here's how to prevent it, by Charles Kergaravat, Sep 30, 2021 (www.yac.com).

تعليق عبر الفيس بوك